الأربعاء، 1 يناير 2014

تخطيط


في كثير من الأحيان لا تستطيع بعض المؤسسات تنفيذ بعض الفعاليات أو المشاريع بسبب عدم توفر موازنة كافية لها، وحقيقة هذا مؤشر ودلالة على مدى اهتمام هذه المؤسسة بالتخطيط في إدارة عملها. فمن البديهيات أن المؤسسات الحكومية وغير الحكومية تكون موازنتها بناءً على خطة كاملة، ومن ثم يتم التوفيق بين وسائل تنفيذ هذه الخطة أو برامجها وبين الموازنة المتوفرة أو المتوقع توفرها خلال فترة التنفيذ. ولكن للأسف ما زال حتى يومنا هذا العديد من المؤسسات تدار بدون خطة مدروسة ومتكاملة وهادفة. وقد تنجح هذه المؤسسة في عملها،  ولكن نجاحها من المؤكد سيكون ذا قيمة أكبر ونتائج أفضل لو كان مخططاً له بصورة شاملة، وستكون القيمة والأفضلية أكبر وأكبر لو كان هذا المشروع أو الفعالية ضمن خطة متكاملة تسعى المؤسسة من خلالها إلى تحقيق أهدافها المرجوة، وتتماشى مع طبيعتها ورؤيتها ورسالتها في مدة محددة من الزمن، ووفقاً لهذه المدة يتم تحديد نوع الخطة طويلة أو قصيرة المدى. ومجتمعاتنا تحتاج إلى خطط قصيرة المدى نظراً للمتغيرات الكثيرة التي تمر بها وتحيط بها، فالبيئة الداخلية والخارجية في تغيير مستمر، ومن ثم عوامل التحليل متغيرة. ولست هنا بصدد شرح آليات وضع الخطة، أو كيفية إجابة الخطة على مجموعة من الأسئلة تتمحور حول: من ولماذا ولمن وكيف ومتى وأين وبكم، ولا كذلك عن الخطة والخطة البديلة، والطموح في الخطة أو التوفيق بين المطلوب والمتاح، ولا عن التحليل الرباعي عند وضع الخطة من دراسة عوامل القوة والضعف والفرص والتهديدات، أو ضرورة أن تكون الخطة مكتوبة ومقروءة وقابلة للتنفيذ والقياس في نفس الوقت، فكل هذه الأمور وأكثر تسابقت المؤسسات ومراكز التدريب المنتشرة في القطاع على تدريسها أو عمل دورات متعددة ومختلفة المسميات فيها، ناهيك عن العلوم الإدارية التي تستطرد كثيراً حول تعميق هذه المفاهيم في مدارك الطلبة وتكوينهم، ولكن حقيقة أقول وأتساءل وبكل صراحة: أين نحن من التطبيق العملي والحقيقي لهذه المفاهيم ولهذا المبدأ الأساس في تنمية الأمم ونهضتها؟ ولا أتحدث من نظرة تشاؤمية للواقع، بل من رغبة جامحة في ضرورة الإصلاح لنرتقي بمؤسساتنا بصفة عامة. وكما يقول الدكتور صلاح الراشد: أن أغلب الناس تكون حياتهم ضمن نطاق إدارة الكوارث والأزمات، وهذا يعني البعد عن التخطيط. صحيح أن الأزمات التي نمر بها متواصلة ومعقدة وبعضها تنوء منه الجبال، ولكن لا يعني هذا مطلقاً البعد عن العمل بصورة سليمة وفق سيناريوهات متعددة ومدروسة، واعتبار الأزمات هي الواقع، وبالتالي التعامل معها ليس فقط لحلها أو التعايش معها بل للقفز عنها وتخطيها بكل جدارة. وأعجبني مقال للدكتور صالح سلطان يفرق به بين التخطيط والتخبيط، ومن ضمن ما ذكره: (التخطيط هو دراسة آلام الواقع، وآمال المستقبل، ووضع برامج وأعمال تمثل حلولاً جذرية لكل قضية تمثل أهمية للفرد والأسرة والمجتمع والدولة والأمة والعالم. والتخبيط هو حالة من الهياج لآلام الواقع، وإحباط من التغيير والإصلاح، والانطلاق نحو اللاهدف). وأضع بين أيديكم هذه العبارات علها توضح المزيد: يمكن أن نخطط حتى نعيش المستقبل أو حتى نغير المستقبل. الفشل في التخطيط هو التخطيط للفشل. إذا لم تبدأ من الآن فستحصد المزيد من الخسائر. وأنهي بهذه العبارة: نجاح أي خطة يتطلب: فهم عميق، وتكوين دقيق وعمل متواصل، وجميعنا يبحث عن النجاح والتميز على المستويين الفردي والمجتمعي، لذا عليك اليقين بأن أول خطوة في طريق النجاح وتحقيق النهضة المنشودة هي: التخطيط.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق