الخميس، 12 ديسمبر 2013

فريق


(وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها) فنعم الله على عباده عديدة لا تحصى، فأحمده عز وجل على جميع نعمائه التي لا يوافيها شكري وحمدي له على الدوام. ومن هذه النعم، والتي أعتبرها من أهم الأسباب التي تساعدني على تأدية المهام الموكلة لي في مختلف فترات حياتي، وفي تجربتي العملية المتواضعة، أن الله عز وجل أكرمني بمجموعة من الرجال الذين تشرفت وأتشرف بالعمل معهم، فكانوا خير السند ونعم الناصح الأمين، وكان وما زال العمل الجماعي بروح ونفس وجسد الفريق الواحد هو الأساس في التعامل. وهذا المفهوم والذي يحدد مسار نجاح المؤسسات، لهو من بديهيات ديننا الحنيف، فقلما تجد آية أو حديث تخاطب الفرد الواحد، بل معظمهما موجه بصيغة الجماعة، ولو ذكرنا فقط حديث المصطفى عليه الصلاة والسلام الذي يقول فيه: (يد الله مع الجماعة) لكان كافياً في الدلالة الشرعية على أهمية الجماعة والعمل الجماعي. ومن مقومات نجاح العمل الجماعي التحلي بروح الفريق الواحد، فلكل عنصر من عناصر المنظومة دور هام وأساس، ولو نقص لأحدث خللاً واضحاً، ومع ذلك فإن مكونات هذه المنظومة تتداعى لسد هذا الخلل فور حدوثه، لأنها تتحلى بروح الانتماء والتكامل، فهي منظومة مؤسساتية، الفرد يعمل فيها لإنجاح الجميع، والجميع يجتهدون لتميز الفرد. فالفريق ينجح ويتفوق بمدى تعاون الأفراد في تنفيذ المهام المطلوبة منهم، ولو قصر أحدهم لاختل التوازن، ولكن الكل متعاون مع الكل. وهي قائمة كذلك على مبدأ التفاهم، وهذا الأمر يحقق الانسجام في العمل، وبكل تأكيد توفير في الجهد والوقت، وبالتالي تكون النتائج المرجوة من العمل أفضل وأكثر. ومن البديهيات التي يجب أن تتوافر في العمل الجماعي الثقة المتبادلة بين الجميع، بين الرئيس والمرؤوسين، وبين المرؤوسين وبعضهم البعض. وأذكر قبل يومين طلب أحد الإخوة لقائي لأمر يخص العمل، فقمت بتوجيهه للمدير العام المسؤول عن الملف المتعلق بهذا الأمر، فكان سؤاله: لكنك رأس الهرم في هذه المؤسسة، والقرار عندك؟، فكان جوابي وبعفوية مطلقة: (صحيح، ولكنني أحترم من يعمل معي وأثق بهم، وإن لم يستطيعوا حل مشكلة ما أتدخل ساعتها)، فهو إذن تفويض مبني على ثقة بمن يعمل معك. ولنا في رسول الله القدوة الحسنة، وهو المصطفى المختار الذي لا ينطق عن الهوي، حيث كان يشاور أصحابه في كل الأمور عملاً بأمره تعالى: (وشاورهم في الأمر) فما بالنا نحن البشر مهما علت قدراتنا نبتعد عن المشورة بحجة أو بدون حجة، ونحن نسمع كذلك قول الشاعر: رأي الجماعة لا يشقى به... ورأي الفرد يشقيه. وهنا تعدد الأراء إثراء لأي موضوع، وهو رصيد معرفي يجب أن يحرص الرئيس على تفعيله والاستفادة منه، وكذلك فهو وسيلة للتأكيد أن هذا الفرد جزء من المنظومة، فبالتالي يزداد عطاؤه وحرصه على إنجاح المشروع. ولا يختلف في النهاية إثنان على أن المؤسسات الناجحة هي التي يتحقق في أفرادها كل المفاهيم الواردة أعلاه وغيرها من مفاهيم تصب في تقوية روح العمل كفريق واحد، لذا علينا جميعاً مسؤولين ومرؤوسين أن نعضد المنظومة الجماعية، وأن نتحلى بروح ووحدة الفريق.

هناك تعليقان (2):

  1. نعم الرئيس والله

    ردحذف
  2. بارك الله فيك
    وانتم نعم الاخوة والسند الحقيقي في النجاح

    ردحذف