الاثنين، 16 ديسمبر 2013

تضامن


حسناً فعلت حركة حماس بإلغاء الاحتفال المركزي لانطلاقتها المباركة السادسة والعشرين، تقديراً للواقع الاقتصادي والمجتمعي الذي يمر به قطاع غزة، وقررت الاستعاضة عنه بمجموعة من النشاطات الاجتماعية التفاعلية والمسيرات، وقدر الله أن تمر المنطقة بمنخفض جوي لم تشهده منذ سنوات، ألقى بآثاره بتعطيل الحياة بصورة عامة، بل وبغرق بعض المنازل وتضرر العديد منها وانهيار بعضها، فكان نعم القرار بإلغاء المسيرات الجماهيرية لتوظيف طاقات أبنائها في خدمة متضرري المنخفض، كما جاء في قرار الحركة، بل كما كان على أرض الواقع وفي الميدان، في كل المناطق وعلى كافة المستويات، بدءاً من قيادة الحركة، وعلى رأسهم دولة رئيس الوزراء الذي كان في المقدمة، بل والقدوة في التضامن مع المتضررين. وما أعظمه من قرار اتخذته ميدانياً كتائب القسام بتسخير إمكاناتها البشرية واللوجستية في الوقوف بجانب الشعب، لتجسد من جديد أنه في غزة شعب يحتضن مقاومة، ومقاومة تحمي شعب، ولكنها هذه المرة حماية من نوع جديد، إنها حماية تضامنية نابعة من الواجب ومن الضمير الإنساني الذي يكتنف هذه الحركة بكافة أذرعها ومكوناتها، وهو كذلك الواجب الوطني والشرعي الذي ربت الحركة عليه جميع أبنائها، وجسدته عملياً في ذكرى انطلاقتها، لتسبق الأعمال الأقوال، وليلمس المواطن الشعارات قبل سماعها، وليرى القادة والمسؤولين في الميدان وليس كما يصورهم المتنطعون وكأنهم في قصور عاجية. وكل التقدير لحركة الجهاد الإسلامي التي سخرت طاقاتها للتضامن مع الأسر المنكوبة عملاً لا قولاً. وفي ميدان العمل بذلت وما زالت الحكومة كل ما في وسعها من أجل التخفيف من آثار هذا المنخفض، ولكن ما كان في هذه الأيام من رياح شديدة وأمطار غزيرة أكبر من كل التوقعات، بل أكبر من إمكانات البلديات جميعها. وهذا العجز زاد مع تبعات الحصار ونقص كميات الوقود اللازمة لتشغيل الآليات والمعدات الهندسية، والتي هي بذاتها بحاجة إلى صيانة، ولكن الله تعالى يبارك في العمل الجماعي وفي النوايا الصادقة، وهو يعلم أننا أخذنا بالأسباب ما استطعنا، ولكن هذا قدرنا نرتضي به، وهذا واقعنا الذي نجتهد بالعمل على تغييره لواقع أفضل بإذن الله. حالات التضامن الداخلية التي شهدتها غزة هذه الأيام من الجميع للجميع أثبتت أن هذا الشعب لن يركع إلا لله، وأنه كما قال البعض قد نرتجف من البرد ولكن لن نرتجف من الحصار أو من محاولات التركيع، فالله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون. وشعبنا شعب بسيط يقدر أي خطوة تضامنية معه، وما أجملها من لحظات قبل يومين وأنا استمع إلى كلمات شكر صادقة من بعض الصيادين للحكومة على وقوفها بجانبهم، رغم أننا لم نقم إلا بواجبنا، وكذلك فعلت كل الوزارات والبلديات، فكانت من المسؤول الأول فيها حتى أصغر موظف في الميدان، وفي هذه الأوضاع الجميع كبير بتصرفاته بأعماله بإحساسه بالمسؤولية بتضامنه مع الآخرين، ولكن يتبقى الدور المنشود من الدول العربية التي شدت الرحال لإرضاء أمريكا في تضامنها مع متضرري إعصار ساندي، ولكن لم نرى حتى الآن التحركات المطلوبة من ذوي النخوة والشهامة والكرامة العربية سوى من قطر المقدامة، هذه التحركات مطلوبة لنلمس التضامن واقعاً لا شعارات، أم أنهم سيكتفون بعقد مؤتمر هنا أو هناك ليعلنوا في نهايته شجبهم واستنكارهم لما قام به المنخفض، وأنهم سيدرسون دعم المنكوبين قبل نهاية هذا القرن!. ولكننا نقول: لك الله يا غزة، وسيتغير الحال، وبإذن الله كما علمتي الآخرين معنى العزة والكرامة، ستعلميهم كذلك المعنى الحقيقي للتضامن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق