الخميس، 20 مارس 2014

وطن


من جديد تؤكد حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، على نهجها وفهمها لحقيقة الصراع بين الشعب الفلسطيني وبين الاحتلال الصهيوني. ويأتي التأكيد هذه المرة على لسان رأس هرمها التنظيمي الأستاذ خالد مشعل "أبي الوليد"، ليقطع أي مجال للتشكيك برؤية الحركة المستقبلية حول طبيعة إدارة المعركة مع الاحتلال، أو القبول بنتائج المفاوضات العبثية، والتي كرس لها الاحتلال ووسطاؤه كل وقتهم واهتماماتهم عساهم يحصلون على المزيد من التنازلات ممن نصبوا أنفسهم مفاوضين عن الشعب الفلسطيني، والشعب الفلسطيني براء من هذه المفاوضات، وخصوصاً أنها لن تعيد له حقاً من حقوقه، كيف ذلك وراعي المفاوضات يميل كل الميل للجانب اليهودي؟، فجسده في قاعات المفاوضات، ولكن عقله وقلبه مرتبطان باللوبي الصهيوني، وعينه على الانتخابات الرئاسية القادمة. قالها أبو الوليد صريحة وبلا مقدمات: (المقاومة لن تتوقف إلا بتحرير فلسطين). وعندما يعلن أكبر فصيل مقاوم أن القضية  الفلسطينية لن تخرج من حالتها الراهنة إلا بتجديد روح الجهاد والمقاومة، فاعلم أن الوطن بخير، ولن يحلم الصهاينة بإذن الله بتمرير مخططاتهم على شعب اتخذ من النضال والجهاد استراتيجية واضحة له للتحرير الكامل والشامل، ليس في غزة لوحدها، بل في الضفة والقدس والأراضي المحتلة عام ٤٨، وليس داخل حدود الوطن فقط بل في الشتات كذلك. وطالما أن الوطن للجميع ومن الجميع، ولن يكون إلا بتضافر وتكامل الجهود المخلصة والشراكة الكاملة من أبنائه الغيورين عليه، وليس من أولئك الذين يتساقطون يوماً بعد يوم، يعرون بعضهم البعض، وتعريهم الأيام، تكشفهم الأحداث على حقيقتهم، ويظهرون على طبيعتهم، بعد أن يزول عنهم زيف الوطنية المصطنع، فهؤلاء لا مكان لهم على ثرى الوطن الطاهر، الذي ارتوى بدماء الشهداء، وعرق المجاهدين، ودموع المرابطين على الثغور، يقفون على مشارف الوطن ويتطلعون إلى تحريره. ولأن الوطن بحاجة إلى جميع الجهود المخلصة، فما أقواها وما أجملها من عبارات خرجت على لسان قائد آخر من قادة فلسطين ألا وهو الدكتور رمضان شلح ليعلن أن الجهاد وحماس شركاء في الحرب والسلم. فهي وحدة العقيدة، ووحدة الدم، ووحدة الانتماء لهذا الوطن. فكان هذا الخطاب بمثابة صاروخ آخر من صواريخ كسر الصمت، بل لا أبالغ إن قلت أن هذا الخطاب كان أكثر ضراوة على بني صهيون وأكثر ألماً عليهم من كل الصواريخ التي دكت الأراضي المحتلة في هذه العملية النوعية، التي أثبتت الوعي العسكري والسياسي للمقاومة على حد سواء. جاء هذا الخطاب ليفتح عهداً جديداً من الشراكة الميدانية، وليرسم فصلاً جديداً من فصول المقاومة والتحرير، والبناء والتعمير، وهذه هي الشراكة التي يحتاجها الوطن، وقد يكون احتياجه لها في حالة السلم ليس بأقل أهمية أو ضرورة من احتياجه لها في حالة الحرب. وعندما يكون الوطن هو العنوان تذوب المسميات، وتتلاشى الاختلافات، وتتكاتف الأيدي ليسمو الصرح ويزداد شموخاً، ويعلو علم فلسطين فوق أي راية حزبية، فالوطن فوق الجميع وقبل الجميع. والوطن لمن يدافع عنه ويحميه، وليس لمن يستغل قضاياه لمآربه الشخصية، فهو ساقط ساقط لا محال، الوطن لمن يرفعون سلاح المقاومة والجهاد،  وليس لمن يرفعون وثائق التنازلات والفساد لبعضهم البعض، ومع ذلك نقول أن طريق العزة والتحرير واضح، وطريق الذل والمذلة بينه المصطفى صلى الله عليه وسلم حينما قال: (ما ترك قوم الجهاد إلا ذلوا). فمتى تشبثنا جميعاً بهذا النهج حينها سيكون لنا بإذن الله وطن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق