الأربعاء، 26 مارس 2014

تفويض


(الآن بدأ العمل)، كلمات لا أنساها للشيخ الشهيد أحمد ياسين، قالها لنا في بيته بعد فوز قائمة الشهيد المهندس إسماعيل أبو شنب في انتخابات نقابة المهندسين عام ٢٠٠٣. كلمات تذكرتها وأنا أرى عشاق المقاومة وهم يجتمعون في مهرجان الوفاء والثبات بمناسبة الذكرى العاشرة لاستشهاد الياسين. وفي حديثه معنا أكمل الشيخ رحمه الله قائلاً: (الآخرون يعملون لهذه اللحظة، أما نحن فنعمل لما بعدها). هي كلمات قليلة، ولكنها معبرة وقوية وفي الصميم، وتوضح حقيقة من وهب نفسه ووقته وجهده لعقيدته ولمبادئه ولوطنه. كلمات كانت بمثابة توجيه لما بعد الفوز، وكأنه يريد أن يوصل رسالة مفهومها: لستم من الذين يبحثون عن نشوة فوز لحظية، أو انتصار وقتي، بل أنتم أصحاب مشروع ورسالة وغايات سامية، تبدأ وتنتهي بالعمل على رفع لواء الحق عالياً في كل الميادين، وفي كل فلسطين من بحرها لنهرها، ومن رفح إلى رأس الناقورة. وليس فقط في فلسطين، بل مشروعنا يشمل كل من هو فلسطيني على وجه المعمورة. وفي مهرجان الوفاء والثبات نجحت حماس في تحقيق الحشد المطلوب معنوياً وواقعياً، لتكون رسالة واضحة وقوية لكل العالم: ها هي غزة المحاصرة الجريحة، ورغم كل المؤامرات تخرج لتقول للجميع: حاصرونا ما شئتم، حاربونا كما أردتم، افعلوا ما تريدون، ولكنكم لن تجدوا منا إلا الصبر والثبات على هذه الأرض وعلى هذه المبادئ. فكان المهرجان بمثابة تفويض للمضي قدماً في مشروع المقاومة، ليس لكسر الحصار  بل لتحقيق الانتصار. ومن هنا أقولها: الآن بدأ العمل لتوحيد الصفوف والجهود وشحذ الهمم تحت راية المقاومة، والسير بخطى واثقة في نهج التحرير. هذا التفويض الذي سجله أهل غزة في مهرجان المقاومة، ووقعه أهل الضفة بدمائهم في اليوم الذي سبق المهرجان، ليبرهنوا هنا وهناك أنهم عشاق الوطن، وأنهم يتوحدون تحت لواء المقاومة، فهي طريق الحرية والعزة والكرامة. والآن وقد انتهى المهرجان وحقق الهدف المرجو منه، ووصلت الرسائل كاملة وواضحة وقوية لكل المتربصين والمرجفين والمحتلين والمحاصرين، وفي نفس الوقت وصلت رسائل التطمين والثقة لكل المخلصين والمناصرين والمؤيدين وقبلهم المجاهدين، أننا كلنا مقاومة، الصغير قبل الكبير، والمرأة قبل الرجل، والشيخ قبل الشاب، ومع المقاومة حكومة وشعب، وقبلهم وبعدهم ركن شديد يأوون إليه بعد أن يخلصوا النية له ويتخذوا كافة الأسباب للنصر والتمكين بإذن الله، لذا أصبح من الواجب على كل الغيورين والمخلصين من أبناء الوطن ومن قادة الفصائل الوطنية والإسلامية أن يضعوا حداً للانقسام بالسرعة الممكنة، فكل دقيقة تمر دون تحقيق الوحدة فهي خسارة لفلسطين ومكسب للاحتلال  الصهيوني، وأصبح واجباً على الجميع وخصوصاً في الضفة الغربية أن يشكلوا الدرع الواقي للمقاومة. وصار لزاماً على دعاة الإنسانية والحرية دعم هذا الشعب والوقوف بجانبه، وكذلك لم يبقى أي مبرر للدول العربية للتخلي عن دعم فلسطين وشعبها والعمل على تحريرها إن لم يكن بجيوشها فبدعم صمود الشعب المرابط وفصائله المقاومة، وبات واضحاً وجلياً للمحتل أن هذا الشعب لا يعرف إلا لغة الانتصار والفوز، إما بالنصر او بالشهادة، فمن الأنسب له أن يغادر أرضنا بلا رجعة، . وحتى يتحقق قدر الله بالنصر والتحرير بإذنه وفضله نقول للمقاومة: سيري على بركة الله فمعك من شعبك تفويض، وما أعظمه من تفويض.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق