الاثنين، 24 مارس 2014

تشكيل اللجان


على شاكلة قصة النملة النشيطة والمنتجة، التي قتلوا إبداعاتها وعطاءها بتشكيل لجنة إشرافية، وأخرى رقابية، وثالثة للمتابعة، ورابعة وخامسة لسبب أو لآخر، حتى عادت كباقي النمل الكسول، قررت القيادة العليا في بلد ما تشكيل لجنة لوضع خطة لدراسة خطة الخطة التي وضعتها لجان سابقة تم تشكيلها بعد أن قامت الجهة المسؤولة عن تنفيذ المشروع الذي ينتظره الجميع ويترقبه الكل بإصدار توصية بضرورة تشكيل لجان لمزيد من الاستشارات. هذا للأسف حال من لا يفقه في الإدارة شيئاً، وينظر للجان نظرة سطحية نمطية وضيقة، لذا يصبح تشكيلها عاملاً من عوامل تأخر المؤسسة وتعطيل التطور فيها، فتكون مضيعة للوقت، وإهدار للمال، وتثبيط للهمم. وجهة نظر سلبية أخرى للجان، هي أنها وسيلة من وسائل التهرب من المسؤولية وتمييع الأزمات، وكذلك طريقة مناسبة لمن يسعون إلى تسويف الحلول، والذين يعملون جاهدين على إبقاء الوضع السلبي على ما هو عليه لأسباب شخصية، حتى أنه انتشرت بين الجميع مقولة: إذا أردت أن تقضي على أمر ما شكل له لجنة. وحقيقة الأمر أن تشكيل اللجان هو أحد الوسائل لتنظيم العمل، والمساهمة في وضع تصورات لتطويره، والخروج بتوصيات مهنية ومتقدمة من خلال توسيع دائرة المشاركة من المختصين في موضوع اللجنة، والحصول على أرائهم التخصصية. وكذلك قد تكون اللجنة أداة من أدوات تسهيل العمل، وإصدار وتنفيذ القرارات بصورة أكبر فاعلية، حيث يتولد شعور من الانتماء لدى أعضاء اللجنة لمؤسستهم إذا ما تم تبني توصياتهم، حينها يكون لهم دور فعال في الترويج لهذه القرارات، لأن فيها رؤيتهم وبصمتهم وتصوراتهم للقضايا المطروحة للتنفيذ. والحكم على إيجابية تشكيل اللجان أو سلبيتها ينبع من فهم الغرض من تشكيلها، والهدف منها، وهل هي صورية أم واقعية، وكذلك كيفية نظرة الإدارة العليا لها وقناعتها بها. وحتى يستفاد من هذه الوسيلة الإدارية، وتكون عامل نجاح للمؤسسة يجب أن يتم اختيار أعضائها بدقة ومهنية، وشرط أساسي أن يكونوا ذوي خبرة بموضوع اللجنة، مع تحديد الهدف المنشود من هذه اللجنة. وحتى تكون اللجنة فاعلة وعملية يجب ألا يكون عددها كبير ولا قليل كذلك، بحيث لا يقل عن ثلاثة ولا يزيد عن سبعة، مع تحديد وقت لقيام اللجنة بمهامها، ورفع التوصيات المطلوبة منها. وكذلك على إدارة المؤسسة تحديد القضايا التي بالفعل بحاجة لتشكيل لجنة خاصة لها، وكذلك تحديد الأمور التي تحتاج إلى لجنة دائمة، على أن لا تطول مدة عضوية هذه اللجنة، حتى لا يتولد الملل لدى أعضائها أو يستملكهم الروتين والرتابة في عملها. وأحد عوامل نجاح اللجان هو التجانس والتآلف بين أعضائها، وتزداد نجاعتها عندما يكون رئيسها مؤمناً بأهدافها، وديناميكياً في إدارتها، وإلا ستكون لجنة فاشلة منذ بداية تكوينها. وخلاصة الكلام أن اللجان ضرورة من ضروريات العمل، ولكن دون الإفراط في الاعتماد عليها بكل كبيرة وصغيرة من أعمال المؤسسة، وهي كذلك وسيلة من وسائل اتخاذ القرارات داخل المؤسسة، والمدير الناجح وكذلك الفاشل يعتمد عليها في إدارة مؤسسته، ولكل له من وراء ذلك مقصوده الخاص.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق