الأربعاء، 20 نوفمبر 2013

تعليم


بمتابعة واقع الدول التي شهدت نهضة مجتمعية، وتنمية شاملة، وأسباب تحولها من دول نامية إلى دول متقدمة، تنافس دول العالم الأكثر ازدهاراً في شتى القطاعات، وجدنا أن وراء ذلك سببين رئيسين، هما: إدارة رشيدة وخطة حكيمة. ولقد اجتمعت هده النماذج الناجحة في خططها النهضوية والتنموية على عامل أساس، ألا وهو أن ركيزة، بل انطلاقة هذه الخطة كان الاهتمام بقطاع التعليم. بالتالي يجب أن يحظى هذا القطاع باهتمام الحكومات التي تعمل على تطوير شعوبها، وتسعى لإحداث نقلة نوعية في الواقع المجتمعي. وهذا هو المطلوب منا في المرحلة المقبلة. صحيح أن نسبة الأمية في فلسطين تعد من أقل المعدلات في العالم، ولكنها ليست لوحدها المعيار أو المؤشر على مدى تأثير هذا القطاع على النهضة المجتمعية. ولن أزاحم علماء التربية بتعريف العملية والمنظومة التعليمية ومكوناتها، وليعذروني إن أخطأت في تسمية مصطلح ما في هذا المجال، فالمهم هنا المضمون. وحتى نحصل على النتائج المرجوة والمخرجات المنشودة يجب العمل وبقوة على إحداث نقلة نوعية في هذه المكونات. صحيح أن هناك جهود كبيرة في هذا المجال، لكننا ما زلنا بالحاجة إلى المزيد. وأهم هذه المكونات: البيئة التعليمية، وهي ما يتعلق بتوفير الجو المناسب للتعليم من مرافق متكاملة وليست تقليدية، وإدارتها بصورة نموذجية، حتى تساهم في تهيئة الجو المناسب للمعلم والطالب في نفس الوقت. ومن باب النقد الذاتي أقول أن إنشاء المدارس يشهد طفرة ملحوظة، ولكن إدارتها السليمة لم تواكب هذه الطفرة، وأبسط دليل على ذلك النظافة وخصوصاً دورات المياه، وأماكن المياه الصالحة للشرب، وعلى بساطة هذه النقطة فلها التأثير الكبير على نفسية الطلاب وتكوينهم الثقافي، ولا أريد أن أبالغ بأن أقول حتى على تحصيلهم العلمي. والمكون الثاني هو المنهج، وبكل بساطة أذكر أننا بمراجعة الكتاب المدرسي كنا نستطيع أن نحضر لدرس الغد، أما الآن فلا أعتقد ذلك، وهذا يحتاج إلى جهد في صياغة المناهج ومضمونها وكيفية إخراجها بالصورة التي تحقق المطلوب. والسؤال هنا لماذا تتحول الشوارع بعد انتهاء الامتحانات إلى بساط أبيض من أوراق الدفاتر والكتب؟! ولا أريد أن أتكلم عن الحقائب التي تقصم ظهر الأطفال، ولا عن خطوة أردوغان باستبدالها بالأجهزة اللوحية، والانتقال من حالة الحفظ من أجل الامتحانات إلى الفهم من أجل التكوين المعرفي والعلمي. والمكون الثالث والأساس هو المعلم، ولقد أقرت الحكومة في الفترة الأخيرة الكادر الوظيفي للمعلمين، والذي يهدف إلى تحفيز المعلمين على تنمية قدراتهم، ولكن المطلوب أكثر، وذلك بتهيئة الأجواء المعيشية المناسبة للمعلم، حتى لا يفكر بعمل آخر بعد الدوام، وأسوأها الدروس الخصوصية، والتي هي السبب الأول في عدم تطور التعليم. نريد المزيد ليقوم المعلم بدوره المنشود في العملية النهضوية، حتى يزداد احترام الطالب له ويحبه، وبالتالي يحب كل ما يتلقاه منه. فلا نريد المعلم الذي يهرب الطالب منه إذا رآه في الشارع، ولا المعلم الذي قد يتطاول عليه الطالب. وهنا نذكر رد المستشارة الألمانية ميركل عندما طالبها البعض برفع رواتبهم مثلما فعلت مع المعلمين: كيف نساويكم بمن علموكم؟!. ولا بأس من مراجعة النماذج الناجحة من الدول التي شهدت نهضة في العملية التعليمية، ولقد فعلتها أمريكا بدراسة التجربة اليابانية، وعملت على تنفيذ الدراسة المستفيضة التي قام بها خيرة باحثيها في هذا المجال. وأرى ضرورة توجيه القطاع الخاص وتمكينه من الاستثمار في التعليم، حينها ستكون النتائج أفضل وأسرع. ولن أتطرق في هذا المقال إلى التعليم العالي، فهو بحاجة إلى وقفة جادة وحازمة، وخصوصاً في الأعداد المتزايدة من (ولا أعرف المسمى الواقعي لها) الكليات المتوسطة. الكلام في موضوع التعليم ذو شجون، وخلاصته أن: بيئة تعليمية حضارية+إدارة حكيمة+منهج مميز+معلم متمكن= طالب متميز= نهضة مجتمعية، فلا تنمية ولا نهضة بلا... تعليم...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق