الأربعاء، 6 نوفمبر 2013

حرب


تسابق العديد من المحللين السياسيين في الفترة الأخيرة على الكتابة عن توقعاتهم بحرب قادمة على قطاع غزة من الاحتلال الصهيوني، ونافسهم في ذلك نشطاء الفيسبوك بكتاباتهم وتعليقاتهم. وخلاصة الكلام أن الجميع متفق على أن الحرب قادمة لا محالة. بل شطح البعض في كتاباته ليحدد مواعيداً للحرب، مستدلاً بالتصريحات التُوِيتَرِية لبعض المتحدثين من جيش الاحتلال، فتحولت إلى دلالات توتيرية في بعض الأحيان، بدون داعٍ، وبدون داعم لهذه التصريحات. والأدهى من ذلك أن البعض ربط نفس الموعد بما جاء في البيانات الغوغائية لمن يطلقون على أنفسهم حركة تمرد، والذين لا يزيدوا عن كونهم خفافيش العالم الافتراضي، ولو أهملناهم قليلاً سينقرضون، والأيام القريبة القادمة ستثبت ذلك إن شاء الله. وبالعودة إلى توقعات الحرب، وكأننا ننتظرها على الأبواب، أطلب من الإخوة المحللين إن سمحوا لي التقليل من التصريحات غير المبنية على أسس واقعية، أو على تحليل حقيقي لمجريات الأحداث. ففي المواجهات الأخيرة مع الاحتلال كانت بوادر الحرب واضحة، وليس بأقلها التصعيد الإعلامي، بل قل التحريض الإعلامي من الصهاينة ضد غزة ومقاوميها وحكومتها. صحيح أن الوتيرة الإعلامية الصهيونية في تزايد، وهذا نهجهم الاحتلالي، المتميزون والناجحون فيه. وعسانا نفوقهم في هذا المجال، كما فاقتهم المقاومة ميدانياً بمفاجأتها المتتالية، من أسطورة نفق خان يونس، والذي أقولها بصراحة أنه بالتفكير البشري وبالحسابات الورقية، فإن هذا الإبداع القسامي درب من دروب الخيال، ولا يقدر على التفكير به والتخطيط له وتنفيذه إلا رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فكانت مَعِيَتُه بهذا التوفيق الكبير، ليبهر العالم أجمع، وليثبت للجميع أن الأصابع لم تتراجع ثانية واحدة عن الزناد، فكان الصمت من جديد تجهيزاً وإعداداً، هذه اللغة لغة لا يتقنها إلا الرجال الرجال، فأنعم بهم يا وطن من رجال. وتبع اكتشاف النفق عملية بوابة المجهول، أو كما وصفها بعض الأخوة بصيد الأغبياء، الذين حاولوا جس نبض المقاومة بتوغلات محدودة في بعض المناطق (ولا أقول الحدودية) المطلة على الأراضي المحتلة عام ١٩٤٨، فكانت المفاجأة الثانية بخروج الرعب القسامي من نفس المكان، الذي من المفترض أنه أصبح  ساقطاً، ومن الصعب (بتفكير البشر) أن يستخدم لمهمة جهادية، ولكنه توفيق الله ومعيته، ليعلم الجميع أن الله مع الذين آمنوا، يؤيدهم ويثبتهم، ويصطفي منهم شهداء، يودعون الدنيا بابتسامة، لا يعرف مغزاها ولا معناها ولا سببها إلا حماة الثغور. وتتوالى المفاجأت، وهذه المرة بمؤتمر إعلامي ناري مختصر لصاحب الكوفية الحمراء، ويحمل عدة رسائل موجهة للجميع دون استثناء، ليضع النقاط على الحروف في بضع أمور، ويتركها غائمة في أمور أخرى، لتحتار معها العقول الصهيونية. والاحتلال يعلم صدق القسام، الذي في أمثالهم قال الشاعر: إذا كذب البـرق اللمـوع لشـائـمٍ...فبـرق حسامي صـادقٌ غير كـاذب. وتستمر المواجهة، وتتنوع خلال أيام، من الأنفاق والمواجهة التحت أرضية، إلى المواجهة البرية والإعلامية، فتأتي المواجهة الجوية والتقنية، ليبدأ تفكيك هيروغليفيا الزنانات التي أقلقت الصغير قبل الكبير، لينتقل القلق إلى مضاجع بني صهيون. فقد وصلت الرسالة من المصدر تقول لبني صهيون: أينما كُنْتُمْ..في القدس...في تل أبيب..في النقب...ستصلكم حمم الغضب.. سيصلكم القسام بوابل من لهب... وللجميع أقول أنه طالما هناك احتلال فالحرب واردة في كل لحظة، حتى يتحقق الوعد الرباني بتحرير هذه الأرض من دنس يهود، الإعداد متواصل، والجاهزية متحققة بإذن الله، ومع ذلك استمعوا إلى المصطفى حيث يقول: (أيها الناس، لا تمنوا لقاء العدو، وسلوا الله العافية، فإذا لقيتموهم فاصبروا، واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف) ونحن عشاق الجنة، ورغم ذلك لا تتمنوا قيام أي...حرب..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق