الأحد، 24 نوفمبر 2013

مؤسسات



سؤال يجول في خاطري منذ فترة، أحببت أن أعرضه عليكم، عساني أجد له جواباً شافياً!. وهو هل عدد مؤسسات المجتمع المدني الموجودة في قطاع غزة كبير، أم لا؟. وهل هذه المؤسسات تغطي كافة القطاعات المجتمعية أم بعضها؟ والحديث هنا عن المؤسسات العاملة في جميع القطاعات الخيرية والثقافية والصحية والنسوية والطفولة وغيرها. والجواب حقيقة من الصعب أن يكون بنعم أو لا. لأنه ببساطة أننا في بعض القطاعات نجد تكدساً في عدد المؤسسات أو الجمعيات أو الاتحادات العاملة فيها، وفي قطاعات أخرى العدد مناسب، وبعضها يحتاج للمزيد. ولذلك فإن هذا السؤال هو عبارة عن دعوة لدراسة واقع المؤسسات، وتقدير أعدادها وأعمالها والمشاريع التي تنفذها. وعموماً فإن هذه الجمعيات زاد عددها وانتشارها بعد الانقسام، لأن الدول المانحة، وحتى المؤسسات المانحة لم ترغب في البداية في التعامل مع الحكومة لسبب أو لأخر. وإذا قلنا أن تعريف هذه المؤسسات أنها مؤسسات مستقلة، تقدم خدمات مجتمعية للمواطنين في مجال معين، وهي قائمة في الغالب على مبدأ التطوع، وتدعم الدولة، دون أن يكون للدولة أي تدخل في أعمالها، سوى التوجيه والرقابة، فهي إذن تشكل الضلع الثالث من مثلث المنظومة المجتمعية الخدماتية، بالإضافة إلى القطاعين العام والخاص. ولا يجب بأي حال من الأحوال، أن تكون بديلاً عن المؤسسات الحكومية الرديفة، بل داعمة ومكملة لها، ولكن في ظل الحصار الشامل، وفي ظل تأثير اللوبي الصهيوني أرادت الدول والجهات المانحة أن تكون هذه المؤسسات بديلاً عن الحكومة، ولتنفذ في بعض الأحيان أهدافاً سياسية بصورة غير مباشرة، رغم أنها يجب أن تكون بعيدة كل البعد عن هذا المجال. ولا يختلف اثنان على أن هذه المؤسسات بحاجة إلى زيادة في التنسيق أولاً فيما بينها، ومن ثم مع القطاع العام والخاص، وذلك حتى لا تزاحم مؤسسة مؤسسة أخرى، أو جهة جهةً أخرى، فلا بد من إيجاد مساحة كبيرة من التعاون والتفاهم والتكامل، ولا مانع من التنافس، فهذه أمور تخدم الصالح العام، وبها لا يكون واحد+واحد= اثنان، بل أكثر من ذلك بكثير. وهذا لسبب بسيط أن الجهود تزداد والأفكار تتلاقح، وبالتالي تتضاعف النتائج. وآفة هذه المؤسسات هو التقليد الأعمى، وذلك بتكرار نفس المشاريع، أو بخدمة نفس الشريحة ونسيان شرائح أخرى، أو حتى في بعض الأحيان استفادة نفس الأشخاص من أكثر من مؤسسة، لقدرتهم على التواصل مع هذه المؤسسات أو لأسباب أخرى. واستكمالاً للهدف من السؤال أقول أننا بحاجة إلى مسح ميداني لهذه المؤسسات وأماكن تواجدها، حتى تستفيد كل الأحياء منها، وهذا لا يعني بالضرورة أن كل حي يجب أن يكون فيه مؤسسة، فهذا تفكير سلبي وأفق ضيق للتعامل مع الاحتياجات المجتمعية، وكذلك بالنسبة للعدد، فإن زيادتها عن الحاجة تعني مصاريفاً إدارية مرهقة، والأهم ترهلاً في الأداء، وتشتيتاً للجهود. وهذا واجب الوزارات ذات العلاقة، كلٌ في مجال اختصاصه، وكما يجب أن تقدم الدعم الشامل لها المعنوي والمادي حسب الإمكانات، وكذلك إيجاد مجال من التنافس فيما بين المؤسسات المتشابهة، وعلى سبيل المثال ما بدأته وزارة الثقافة قبل ما يزيد عن ثلاث سنوات بجائزة المركز الثقافي المثالي، وتبنت بعد ذلك نفس النهج وزارات أخرى، ولكن الأمر أصبح بحاجة إلى تطوير في التوجيه والرقابة والمتابعة والتنسيق، وكذلك أخذ قرار جريء بكيفية التعامل مع المؤسسات التي وجودها يسبب ضرراً أكبر من نفعها، فلا مكان ولا مكانة لأمثالها بيننا، وفي المقابل كل التقدير للمؤسسات التي تواصل الليل بالنهار لخدمة شعبنا، فأبشر يا وطن بأمثال هذه المؤسسات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق