بدعوة كريمة من الجامعة الإسلامية شاركت في افتتاح معرض(مبادرون٢)، والخاص بمخرجات مشروع تطوير ودعم الأفكار الريادية في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. سعادتي كانت كبيرة وأنا أتجول بين جنبات المعرض، مستمعاً لشرح سبعة وخمسين مبادرة ومبادر، وهم يعرضون ثلاثين مشروعاً متميزاً، وكلها كانت متميزة بفكرتها، وبطريقة العرض، والأهم من ذلك بالفائدة المرجوة من المشروع. ومن موقع المسؤولية أقول أن مشاعري وأفكاري تداخلت أثناء هذه الجولة، بين شعور الافتخار بهذا الجيل من الشباب، وبين شعور المسؤولية والأمانة تجاهه، وخصوصاً هؤلاء المبدعين المبتكرين والمتميزين، بل المبادرين، فلولا مبادراتهم لما كان هذا الإنجاز، ولما كانت هذه المشاريع المتميزة. وأود هنا أن أوجه ثلاث رسائل، فأما الرسالة الأولى فهي للمبادرين أنفسهم، فأقول لهم هنيئاً لكم هذه المبادرات المتميزة، ولتعلموا أن أول خطوة في مجال النهضة الشاملة والتنمية المستدامة هي المبادرة. والمبادرة في اللغة تعني السبق والمسارعة، وهي دائماً توحي بالإيجابية وبعمل الخير وبالهمة والعزيمة والجدية، وكلها ركائز للتقدم والتطور وليس فقط للنجاح، بل هي مقدمة للإبداع والابتكار والتميز. وكل هذه النقاط مرجوة من الشباب الفلسطيني، فهم أمل الأمة الواعد، وهم معاول كسر الحصار بهذه المبادرات والإبداعات، وهم سفراء خير لشعبهم، لأن أعمالهم قريباً بإذن الله ستتخطى الحدود. والمبادرة كما ورد في أكثر من حديث للمصطفى عليه الصلاة والسلام مقرونة دائماً بالأعمال، فبادروا بالأعمال. وأقول لكم لقد وضعتم أنفسكم في المسار الصحيح، وسخرتم إمكاناتكم وقدراتكم للسير أماماً، أنهيتم المرحلة بنجاح، ولكن هناك مراحل أخرى أمامكم، تتطلب المواصلة بنفس الهمة والنهج والأسلوب، مع ابتكاراتكم التي يجب أن تزداد يوماً بعد يوم، ومرحلة بعد مرحلة، وتزداد معها ثقتكم بقدراتكم، والأهم يزداد معها تواضعكم، فإن عرف الغرور طريقه لأنفسكم فاعلموا أنها بداية النهاية. ورسالتي الثانية رسالة شكر موجهة للجهات المانحة على جهودهم في الوقوف بجانب الشعب الفلسطيني في أزماته الناتجة عن الاحتلال الصهيوني، ولكن اسمحوا لي أن أطالبكم بزيادة المخصصات للمشاريع الإغاثية ذات الطابع التنموي على حساب المشاريع الإغاثية الاستهلاكية، والتي بكل تأكيد لها ضرورة، وهناك فئة ما زالت بحاجة لها، ولكن يجب التفكير سوياً لزيادة الفكر التنموي بين أفراد شعبنا، بهدف القضاء على فكر (الكوبونة) الذي يقتل المبادرة والهمة في بعض النفوس، وشعبنا شعب كريم، وخصوصاً فئة الشباب، لا تريد من الجميع إلا أن يفسحوا لهم المجال لإثبات ذاتهم، وترجمة قدراتهم بمشاريع ترى النور مثل مشروع (مبادرون). وأما رسالتي الثالثة فهي نابعة من الشعور بالمسؤولية تجاه الشباب، فأقول موجهة للمؤسسات الحكومية وغير الحكومية: افتحوا الأبواب على مصراعيها أمام الشباب، وافسحوا لهم المجال بدون قيود للمشاركة الفعالة في النهضة المجتمعية. صحيح أن هناك جهوداً تبذل من خلال وزارة الشباب والرياضة ومشاريعها المتعددة، ومنها الخطط الاستراتيجية الجاري إعدادها لهذا القطاع، وكذلك وزارة العمل ومشروع جدارة، ووزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات من خلال أكثر من نافذة للتواصل مع الشباب، ومنها المجلس الاستشاري الشبابي، ومشروع منح فرص تشغيل لأصحاب مشاريع التخرج المتميزة، وإقرار الاستراتيجية الوطنية للاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والتي تناولت محور التعليم والبحث العلمي ضمن محاور أخرى، وغيرها من الوزارات، ولكن أقول المزيد المزيد من إتاحة الفرص للشباب، مهدوا الطريق أمامهم، أزيلوا العقبات إن وجدت، ذللوا الصعاب، فنحن بحاجة للشباب كما هم بحاجة إلينا، فشباب فلسطين مجاهدون مرابطون مبدعون مبتكرون مميزون، فشباب فلسطين شبابٌ... مبادرون.
الأربعاء، 27 نوفمبر 2013
مبادرون
بدعوة كريمة من الجامعة الإسلامية شاركت في افتتاح معرض(مبادرون٢)، والخاص بمخرجات مشروع تطوير ودعم الأفكار الريادية في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. سعادتي كانت كبيرة وأنا أتجول بين جنبات المعرض، مستمعاً لشرح سبعة وخمسين مبادرة ومبادر، وهم يعرضون ثلاثين مشروعاً متميزاً، وكلها كانت متميزة بفكرتها، وبطريقة العرض، والأهم من ذلك بالفائدة المرجوة من المشروع. ومن موقع المسؤولية أقول أن مشاعري وأفكاري تداخلت أثناء هذه الجولة، بين شعور الافتخار بهذا الجيل من الشباب، وبين شعور المسؤولية والأمانة تجاهه، وخصوصاً هؤلاء المبدعين المبتكرين والمتميزين، بل المبادرين، فلولا مبادراتهم لما كان هذا الإنجاز، ولما كانت هذه المشاريع المتميزة. وأود هنا أن أوجه ثلاث رسائل، فأما الرسالة الأولى فهي للمبادرين أنفسهم، فأقول لهم هنيئاً لكم هذه المبادرات المتميزة، ولتعلموا أن أول خطوة في مجال النهضة الشاملة والتنمية المستدامة هي المبادرة. والمبادرة في اللغة تعني السبق والمسارعة، وهي دائماً توحي بالإيجابية وبعمل الخير وبالهمة والعزيمة والجدية، وكلها ركائز للتقدم والتطور وليس فقط للنجاح، بل هي مقدمة للإبداع والابتكار والتميز. وكل هذه النقاط مرجوة من الشباب الفلسطيني، فهم أمل الأمة الواعد، وهم معاول كسر الحصار بهذه المبادرات والإبداعات، وهم سفراء خير لشعبهم، لأن أعمالهم قريباً بإذن الله ستتخطى الحدود. والمبادرة كما ورد في أكثر من حديث للمصطفى عليه الصلاة والسلام مقرونة دائماً بالأعمال، فبادروا بالأعمال. وأقول لكم لقد وضعتم أنفسكم في المسار الصحيح، وسخرتم إمكاناتكم وقدراتكم للسير أماماً، أنهيتم المرحلة بنجاح، ولكن هناك مراحل أخرى أمامكم، تتطلب المواصلة بنفس الهمة والنهج والأسلوب، مع ابتكاراتكم التي يجب أن تزداد يوماً بعد يوم، ومرحلة بعد مرحلة، وتزداد معها ثقتكم بقدراتكم، والأهم يزداد معها تواضعكم، فإن عرف الغرور طريقه لأنفسكم فاعلموا أنها بداية النهاية. ورسالتي الثانية رسالة شكر موجهة للجهات المانحة على جهودهم في الوقوف بجانب الشعب الفلسطيني في أزماته الناتجة عن الاحتلال الصهيوني، ولكن اسمحوا لي أن أطالبكم بزيادة المخصصات للمشاريع الإغاثية ذات الطابع التنموي على حساب المشاريع الإغاثية الاستهلاكية، والتي بكل تأكيد لها ضرورة، وهناك فئة ما زالت بحاجة لها، ولكن يجب التفكير سوياً لزيادة الفكر التنموي بين أفراد شعبنا، بهدف القضاء على فكر (الكوبونة) الذي يقتل المبادرة والهمة في بعض النفوس، وشعبنا شعب كريم، وخصوصاً فئة الشباب، لا تريد من الجميع إلا أن يفسحوا لهم المجال لإثبات ذاتهم، وترجمة قدراتهم بمشاريع ترى النور مثل مشروع (مبادرون). وأما رسالتي الثالثة فهي نابعة من الشعور بالمسؤولية تجاه الشباب، فأقول موجهة للمؤسسات الحكومية وغير الحكومية: افتحوا الأبواب على مصراعيها أمام الشباب، وافسحوا لهم المجال بدون قيود للمشاركة الفعالة في النهضة المجتمعية. صحيح أن هناك جهوداً تبذل من خلال وزارة الشباب والرياضة ومشاريعها المتعددة، ومنها الخطط الاستراتيجية الجاري إعدادها لهذا القطاع، وكذلك وزارة العمل ومشروع جدارة، ووزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات من خلال أكثر من نافذة للتواصل مع الشباب، ومنها المجلس الاستشاري الشبابي، ومشروع منح فرص تشغيل لأصحاب مشاريع التخرج المتميزة، وإقرار الاستراتيجية الوطنية للاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والتي تناولت محور التعليم والبحث العلمي ضمن محاور أخرى، وغيرها من الوزارات، ولكن أقول المزيد المزيد من إتاحة الفرص للشباب، مهدوا الطريق أمامهم، أزيلوا العقبات إن وجدت، ذللوا الصعاب، فنحن بحاجة للشباب كما هم بحاجة إلينا، فشباب فلسطين مجاهدون مرابطون مبدعون مبتكرون مميزون، فشباب فلسطين شبابٌ... مبادرون.
الأحد، 24 نوفمبر 2013
مؤسسات
سؤال يجول في خاطري منذ فترة، أحببت أن أعرضه عليكم، عساني أجد له جواباً شافياً!. وهو هل عدد مؤسسات المجتمع المدني الموجودة في قطاع غزة كبير، أم لا؟. وهل هذه المؤسسات تغطي كافة القطاعات المجتمعية أم بعضها؟ والحديث هنا عن المؤسسات العاملة في جميع القطاعات الخيرية والثقافية والصحية والنسوية والطفولة وغيرها. والجواب حقيقة من الصعب أن يكون بنعم أو لا. لأنه ببساطة أننا في بعض القطاعات نجد تكدساً في عدد المؤسسات أو الجمعيات أو الاتحادات العاملة فيها، وفي قطاعات أخرى العدد مناسب، وبعضها يحتاج للمزيد. ولذلك فإن هذا السؤال هو عبارة عن دعوة لدراسة واقع المؤسسات، وتقدير أعدادها وأعمالها والمشاريع التي تنفذها. وعموماً فإن هذه الجمعيات زاد عددها وانتشارها بعد الانقسام، لأن الدول المانحة، وحتى المؤسسات المانحة لم ترغب في البداية في التعامل مع الحكومة لسبب أو لأخر. وإذا قلنا أن تعريف هذه المؤسسات أنها مؤسسات مستقلة، تقدم خدمات مجتمعية للمواطنين في مجال معين، وهي قائمة في الغالب على مبدأ التطوع، وتدعم الدولة، دون أن يكون للدولة أي تدخل في أعمالها، سوى التوجيه والرقابة، فهي إذن تشكل الضلع الثالث من مثلث المنظومة المجتمعية الخدماتية، بالإضافة إلى القطاعين العام والخاص. ولا يجب بأي حال من الأحوال، أن تكون بديلاً عن المؤسسات الحكومية الرديفة، بل داعمة ومكملة لها، ولكن في ظل الحصار الشامل، وفي ظل تأثير اللوبي الصهيوني أرادت الدول والجهات المانحة أن تكون هذه المؤسسات بديلاً عن الحكومة، ولتنفذ في بعض الأحيان أهدافاً سياسية بصورة غير مباشرة، رغم أنها يجب أن تكون بعيدة كل البعد عن هذا المجال. ولا يختلف اثنان على أن هذه المؤسسات بحاجة إلى زيادة في التنسيق أولاً فيما بينها، ومن ثم مع القطاع العام والخاص، وذلك حتى لا تزاحم مؤسسة مؤسسة أخرى، أو جهة جهةً أخرى، فلا بد من إيجاد مساحة كبيرة من التعاون والتفاهم والتكامل، ولا مانع من التنافس، فهذه أمور تخدم الصالح العام، وبها لا يكون واحد+واحد= اثنان، بل أكثر من ذلك بكثير. وهذا لسبب بسيط أن الجهود تزداد والأفكار تتلاقح، وبالتالي تتضاعف النتائج. وآفة هذه المؤسسات هو التقليد الأعمى، وذلك بتكرار نفس المشاريع، أو بخدمة نفس الشريحة ونسيان شرائح أخرى، أو حتى في بعض الأحيان استفادة نفس الأشخاص من أكثر من مؤسسة، لقدرتهم على التواصل مع هذه المؤسسات أو لأسباب أخرى. واستكمالاً للهدف من السؤال أقول أننا بحاجة إلى مسح ميداني لهذه المؤسسات وأماكن تواجدها، حتى تستفيد كل الأحياء منها، وهذا لا يعني بالضرورة أن كل حي يجب أن يكون فيه مؤسسة، فهذا تفكير سلبي وأفق ضيق للتعامل مع الاحتياجات المجتمعية، وكذلك بالنسبة للعدد، فإن زيادتها عن الحاجة تعني مصاريفاً إدارية مرهقة، والأهم ترهلاً في الأداء، وتشتيتاً للجهود. وهذا واجب الوزارات ذات العلاقة، كلٌ في مجال اختصاصه، وكما يجب أن تقدم الدعم الشامل لها المعنوي والمادي حسب الإمكانات، وكذلك إيجاد مجال من التنافس فيما بين المؤسسات المتشابهة، وعلى سبيل المثال ما بدأته وزارة الثقافة قبل ما يزيد عن ثلاث سنوات بجائزة المركز الثقافي المثالي، وتبنت بعد ذلك نفس النهج وزارات أخرى، ولكن الأمر أصبح بحاجة إلى تطوير في التوجيه والرقابة والمتابعة والتنسيق، وكذلك أخذ قرار جريء بكيفية التعامل مع المؤسسات التي وجودها يسبب ضرراً أكبر من نفعها، فلا مكان ولا مكانة لأمثالها بيننا، وفي المقابل كل التقدير للمؤسسات التي تواصل الليل بالنهار لخدمة شعبنا، فأبشر يا وطن بأمثال هذه المؤسسات.
الأربعاء، 20 نوفمبر 2013
تعليم
بمتابعة واقع الدول التي شهدت نهضة مجتمعية، وتنمية شاملة، وأسباب تحولها من دول نامية إلى دول متقدمة، تنافس دول العالم الأكثر ازدهاراً في شتى القطاعات، وجدنا أن وراء ذلك سببين رئيسين، هما: إدارة رشيدة وخطة حكيمة. ولقد اجتمعت هده النماذج الناجحة في خططها النهضوية والتنموية على عامل أساس، ألا وهو أن ركيزة، بل انطلاقة هذه الخطة كان الاهتمام بقطاع التعليم. بالتالي يجب أن يحظى هذا القطاع باهتمام الحكومات التي تعمل على تطوير شعوبها، وتسعى لإحداث نقلة نوعية في الواقع المجتمعي. وهذا هو المطلوب منا في المرحلة المقبلة. صحيح أن نسبة الأمية في فلسطين تعد من أقل المعدلات في العالم، ولكنها ليست لوحدها المعيار أو المؤشر على مدى تأثير هذا القطاع على النهضة المجتمعية. ولن أزاحم علماء التربية بتعريف العملية والمنظومة التعليمية ومكوناتها، وليعذروني إن أخطأت في تسمية مصطلح ما في هذا المجال، فالمهم هنا المضمون. وحتى نحصل على النتائج المرجوة والمخرجات المنشودة يجب العمل وبقوة على إحداث نقلة نوعية في هذه المكونات. صحيح أن هناك جهود كبيرة في هذا المجال، لكننا ما زلنا بالحاجة إلى المزيد. وأهم هذه المكونات: البيئة التعليمية، وهي ما يتعلق بتوفير الجو المناسب للتعليم من مرافق متكاملة وليست تقليدية، وإدارتها بصورة نموذجية، حتى تساهم في تهيئة الجو المناسب للمعلم والطالب في نفس الوقت. ومن باب النقد الذاتي أقول أن إنشاء المدارس يشهد طفرة ملحوظة، ولكن إدارتها السليمة لم تواكب هذه الطفرة، وأبسط دليل على ذلك النظافة وخصوصاً دورات المياه، وأماكن المياه الصالحة للشرب، وعلى بساطة هذه النقطة فلها التأثير الكبير على نفسية الطلاب وتكوينهم الثقافي، ولا أريد أن أبالغ بأن أقول حتى على تحصيلهم العلمي. والمكون الثاني هو المنهج، وبكل بساطة أذكر أننا بمراجعة الكتاب المدرسي كنا نستطيع أن نحضر لدرس الغد، أما الآن فلا أعتقد ذلك، وهذا يحتاج إلى جهد في صياغة المناهج ومضمونها وكيفية إخراجها بالصورة التي تحقق المطلوب. والسؤال هنا لماذا تتحول الشوارع بعد انتهاء الامتحانات إلى بساط أبيض من أوراق الدفاتر والكتب؟! ولا أريد أن أتكلم عن الحقائب التي تقصم ظهر الأطفال، ولا عن خطوة أردوغان باستبدالها بالأجهزة اللوحية، والانتقال من حالة الحفظ من أجل الامتحانات إلى الفهم من أجل التكوين المعرفي والعلمي. والمكون الثالث والأساس هو المعلم، ولقد أقرت الحكومة في الفترة الأخيرة الكادر الوظيفي للمعلمين، والذي يهدف إلى تحفيز المعلمين على تنمية قدراتهم، ولكن المطلوب أكثر، وذلك بتهيئة الأجواء المعيشية المناسبة للمعلم، حتى لا يفكر بعمل آخر بعد الدوام، وأسوأها الدروس الخصوصية، والتي هي السبب الأول في عدم تطور التعليم. نريد المزيد ليقوم المعلم بدوره المنشود في العملية النهضوية، حتى يزداد احترام الطالب له ويحبه، وبالتالي يحب كل ما يتلقاه منه. فلا نريد المعلم الذي يهرب الطالب منه إذا رآه في الشارع، ولا المعلم الذي قد يتطاول عليه الطالب. وهنا نذكر رد المستشارة الألمانية ميركل عندما طالبها البعض برفع رواتبهم مثلما فعلت مع المعلمين: كيف نساويكم بمن علموكم؟!. ولا بأس من مراجعة النماذج الناجحة من الدول التي شهدت نهضة في العملية التعليمية، ولقد فعلتها أمريكا بدراسة التجربة اليابانية، وعملت على تنفيذ الدراسة المستفيضة التي قام بها خيرة باحثيها في هذا المجال. وأرى ضرورة توجيه القطاع الخاص وتمكينه من الاستثمار في التعليم، حينها ستكون النتائج أفضل وأسرع. ولن أتطرق في هذا المقال إلى التعليم العالي، فهو بحاجة إلى وقفة جادة وحازمة، وخصوصاً في الأعداد المتزايدة من (ولا أعرف المسمى الواقعي لها) الكليات المتوسطة. الكلام في موضوع التعليم ذو شجون، وخلاصته أن: بيئة تعليمية حضارية+إدارة حكيمة+منهج مميز+معلم متمكن= طالب متميز= نهضة مجتمعية، فلا تنمية ولا نهضة بلا... تعليم...
الأحد، 17 نوفمبر 2013
أمل
في العادة أبدأ كتابة المقال باختيار عنوانه، بعد تفكير في مضمونه. فالعنوان يحمل رسالة المقال، والهدف المرجو منه. وبصراحة في هذه المرة احترت بين عنوانين، وهما ألم وأمل. هذان العنوانان حقيقة، يجسدان طبيعة وحال المشهد الأسبوعي لاعتصام أهالي الأسرى المعتقلين في السجون الصهيونية. فمع صبيحة كل إثنين يشد أهالي الأسرى المغيبين عن العيون منذ سنوات عجاف، يزداد عددها يوماً بعد يوم، يشد الآباء والأمهات والزوجات وفي بعض الأحيان الأولاد عزيمتهم، يخرجون من بيوتهم من الشمال والجنوب، يركبون الحافلات ويتجهون إلى مقر الاعتصام الأسبوعي أمام مكتب الصليب الأحمر في غزة، يحملون معهم آلام البعد والغياب الطويل لأحباب قلوبهم، ويعتصرون حزناً لهذا الفراق القسري، يحملون صور الأسرى، ويجلسون في المكان الذي أصبح يحفظهم عن ظهر غيب، بعد أن ينزلوا من الحافلات، وتنزل معهم ذكريات سعيدة وحزينة، ولكنها محفوفة بالهموم والمعاناة والخوف. فهم مهمومون على أبنائهم، قلقون عليهم وعلى أوضاعهم الصحية، وليس النفسية، فهم يعلمون علم اليقين أن نفسياتهم عالية علو قمم الجبال، ويقينهم بالحرية القريبة راسخة رسوخ الجبال، فلا خوف من ذلك، ولكن تخوفهم أن تمر الأيام وينتهي أجلهم وأعمارهم، دون أن يحضنوا الغوالي من جديد، فالحنين يزداد، والشوق يكبر، والآهات تعلو، ولكن التغيير بسيط، والإفراجات قليلة، والحل ليس جذرياً، فيقينهم أن الحل الجذري لا يكون إلا بتبييض السجون والمعتقلات الصهيونية. امتزجت الروايات والأحداث والقصص والهموم والآلام والآمال بين هذه العوائل حتى أصبحوا جسداً واحداً، إذا اشتكى أحدهم تداعى له الجميع بالشكوى لله، ولله وحده، وإذا دخلت الفرحة في بيت أحدهم تقاسموها، وأعلنوا الليالي الملاح في بيوتهم. ويستمرون على ذلك طوال الأسبوع، حتى يأتي الموعد الجديد، فيجددون معه الأمل، بلقاء قريب، يصبرهم على ذلك زيارة سريعة لدقائق معدودة من وراء جدر، فخوف الصهاينة ورعبهم كبير، حتى من الكهل السبعيني، وحتى من العجوز التي انحنى ظهرها مع الزمن، وما عرفت في هذا الزمن إلا الانحناء لرب العالمين في صلاتها، أو انحناء لأطفالها وهي ترسم قبلة الحنان والأمومة على جبينهم، أو لشهدائها وهي تلقي قبلة الوداع والفخار على جباههم. يشاركهم في لقائهم الأسبوعي رجال ونساء، شخصيات اعتبارية وعادية، عساهم يخففون من الآلام أو يزيدون من الآمال، وتتسابق المؤسسات الحكومية وغير الحكومية على ذلك، ليس فقط في هذا الاعتصام بل في كل المناسبات والأيام، فهذا واجبها الشرعي قبل أن يكون واجبها الوطني والإنساني كذلك. تجتهد هذه المؤسسات والشخصيات في ذلك، وفي توصيل قضية الأسرى وواقعهم وحقوقهم إلى كل الدول والمنظمات وفي كل المحافل، رغم علمها أن النتائج ليست كبيرة، وأن الصلف الصهيوني كبير، واللوبي الإعلامي يسخر كل طاقاته لدعم الاحتلال لتبرير تصرفاته اللا إنسانية بأي وسيلة وبأي عذر، حتى لو كان أوهى من بيت العنكبوت. ومع ذلك سيأتي اليوم وليس بعيداً، ذلك اليوم الذي ينكشف فيه الصهاينة على حقيقتهم، وتنكشف معه حجم الجرائم اللا إنسانية والمنافية لأدنى الحقوق البشرية التي اقترفوها بحق الأسرى، ولكن هذا يتطلب المزيد من العمل والمزيد من الجهد ليتحقق حلم هذا الشاب أو تلك الفتاة، أو هذا الكهل أو تلك العجوز، بأن يعود الأحباب لهم وليكونوا بينهم، ليواصلوا مسيرة التحرير لتحقيق الحلم الأكبر، ألا وهو الصلاة في الأقصى محرراً، فهو أسير كذلك. وبصراحة يجب أن تتكامل الجهود حتى يتحول الحلم إلى حقيقة. وفي النهاية أقول أن الأسرى وأهاليهم ورغم الألم، إلا أنهم بعد الله، ينتظرون الفرج على يد الضاغطين على الزناد، فعليهم، وعليهم فقط يعقدون...الأمل..
الأحد، 10 نوفمبر 2013
تمرد
بعد حراك ١٥ آذار في عام ٢٠١١، وفي مقال (أيها الشباب: تهانينا)، قلت أن الشباب الداعي لذلك الحراك ينقسم إلى ثلاث فئات: فئة مقلدة، وفئة محرضة، وفئة الشباب الواعي المنتمي لشعبه ولدينه ولوطنه.
وفي هذا اليوم أقول أن الشباب أصبح أكثر وعياً وفهماً وانتماءً، رغم زيادة الإشكاليات المحيطة بهم. وما دفعني في حينه إلى ذلك التصنيف هو الرؤيا الواقعية والتحليل الميداني للشباب، وخصوصاً بعد الربيع العربي ودورهم فيه، وبعد غزو الإعلام الجديد من مواقع التواصل الاجتماعي، وإغرائه للشباب باقتحام العالم الافتراضي، ليعبر من خلاله عن همومه وواقعه ونواياه، عساه يجد من يلملم أحلامه وأفكاره بل ويتبناها، ليبدأ حقبة جديدة في تاريخ الأمة.
وأما بعد بدء انطواء الربيع العربي، ولا أقول ذبول أو انتهاء، فهو في مرحلة إعادة التشكيل، من خلال نزع النباتات الضارة التي نمت بين الورود، وأثرت في بعض الأحيان على الثمرات بتلفها، أو بكسر أفرعها، ولكن الجذور ترسخت أكثر في العقول، فلم يعد الخوف كبيراً على الربيع العربي من الفلول أو الذبول، وإن كان قائماً حتى الآن، بعد هذا الانطواء وظهور حركة تمرد في مصر، واعتقاد البعض أنها سبب الانقلاب، بدأ بعض الشباب يقلد هذه الظاهرة، ومنها هنا في غزة.
ومن أول لحظة، قلنا أن هذه الظاهرة لن ترى النور، ولن يكون لها تأثير مجتمعي ميداني، وأن هذه الفئة من المجتمع بحاجة إلى احتواء، فلقد ضلت الطريق.
وهنا انحصر تصنيف الشباب إلى فئتين: فئة مقلدة محرضة تريد الانقلاب من أجل الفوضى ولا هدف لها، وفئة واعية وهي تمثل السواد الأعظم من الشباب، وليس بالشرط أن تكون راضية عن الواقع الحالي، وهذا أمر طبيعي، لا خلاف عليه طالما أن الهدف واحد وهو تحقيق المصلحة العامة، والوصول إلى خير المجتمع، وإحداث حالة حقيقية من الإصلاح والتغيير، فالدعم كل الدعم لهذه الفئة من الشباب، والتأييد الكامل لكل نشاطاتهم.
وأما الفئة القليلة، وأؤكد القليلة جداً من الشباب الذي أعلن عن عدة فعاليات في الأشهر الأخيرة، لم يشاركوا حتى هم أنفسهم في تنفيذها، مثل التصفير وضرب الطناجر، والتكبير، فلم نسمع في حينها إلا صفارات الحكام في مباريات كرة القدم، أو قرع الطناجر في المطابخ حين تنظيفها في الولائم والمناسبات، والتكبير حينما صدحت تكبيرات العيد والمساجد مع كل آذان، لتذكر هذه المجموعة الواهية والواهمة، أنه لا فلاح إلا مع الحق، ولا حق إلا مع الهداية، ولا هداية إلا باتباع طريق المصطفى محمد عليه السلام، وتقليد سنته وهديه، وليس هذا التقليد الأعمى لفئة ساقطة في بلد مجاور، استبدلوا الذي هو أدنى بالذي هو خير.
وقلنا وما زلنا نقول أن هذه الفئة من الشباب لا تتعدى عن كونها خفافيش العالم الافتراضي، لن نراها على أرض الواقع في الميدان، حتى لو ظهر بعضهم هنا أو هناك في هذا اليوم.
هذه ظاهرة للأسف أخذت اهتماماً أكبر من حجمها ومن حقيقتها، وذلك بسبب تسابق العديد من الشباب بالرد عليهم أنهم لهم بالمرصاد، وأنهم سيضربون بيد من حديد كل من تسول له نفسه أن يزعزع أمن وأمان هذا البلد. فلا مكان لتمرد بيننا.
ومع ذلك ولأنهم جزء من مجتمعنا فإنني أطالب الجهات ذات الاختصاص حكومية وغير حكومية بدراسة هذه الحالة، والتحليل النفسي والمجتمعي لهؤلاء الشباب والعمل على علاجهم، فهم أيضاً مسؤولون منا، حتى لو أضاعوا البوصلة.
كلمة أخيرة أقولها للمؤسسات الحكومية والمجتمعية: المزيد المزيد من إفساح المجال للشباب، فشبابنا يحتاج المزيد من الحرية، حرية التعبير، وحرية الحركة، وحرية المشاركة، وحرية الكلمة فهي أساس الديموقراطية، التي تسعون لترسيخها، ليعيش الشعب حراً أبياً.
وللشباب الواعي أقول: هؤلاء إخوانكم، فخذوا بأيديهم إلى الطريق الصواب، وأشركوهم في مبادراتكم المجتمعية، وعدلوا من مفاهيمهم الخاطئة، وأنا على يقين أنكم قادرون على ذلك، وأدعو الله أن يهديهم، وأن يشفيهم من هذا الوباء، وباء... تمرد...
الأربعاء، 6 نوفمبر 2013
حرب
تسابق العديد من المحللين السياسيين في الفترة الأخيرة على الكتابة عن توقعاتهم بحرب قادمة على قطاع غزة من الاحتلال الصهيوني، ونافسهم في ذلك نشطاء الفيسبوك بكتاباتهم وتعليقاتهم. وخلاصة الكلام أن الجميع متفق على أن الحرب قادمة لا محالة. بل شطح البعض في كتاباته ليحدد مواعيداً للحرب، مستدلاً بالتصريحات التُوِيتَرِية لبعض المتحدثين من جيش الاحتلال، فتحولت إلى دلالات توتيرية في بعض الأحيان، بدون داعٍ، وبدون داعم لهذه التصريحات. والأدهى من ذلك أن البعض ربط نفس الموعد بما جاء في البيانات الغوغائية لمن يطلقون على أنفسهم حركة تمرد، والذين لا يزيدوا عن كونهم خفافيش العالم الافتراضي، ولو أهملناهم قليلاً سينقرضون، والأيام القريبة القادمة ستثبت ذلك إن شاء الله. وبالعودة إلى توقعات الحرب، وكأننا ننتظرها على الأبواب، أطلب من الإخوة المحللين إن سمحوا لي التقليل من التصريحات غير المبنية على أسس واقعية، أو على تحليل حقيقي لمجريات الأحداث. ففي المواجهات الأخيرة مع الاحتلال كانت بوادر الحرب واضحة، وليس بأقلها التصعيد الإعلامي، بل قل التحريض الإعلامي من الصهاينة ضد غزة ومقاوميها وحكومتها. صحيح أن الوتيرة الإعلامية الصهيونية في تزايد، وهذا نهجهم الاحتلالي، المتميزون والناجحون فيه. وعسانا نفوقهم في هذا المجال، كما فاقتهم المقاومة ميدانياً بمفاجأتها المتتالية، من أسطورة نفق خان يونس، والذي أقولها بصراحة أنه بالتفكير البشري وبالحسابات الورقية، فإن هذا الإبداع القسامي درب من دروب الخيال، ولا يقدر على التفكير به والتخطيط له وتنفيذه إلا رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فكانت مَعِيَتُه بهذا التوفيق الكبير، ليبهر العالم أجمع، وليثبت للجميع أن الأصابع لم تتراجع ثانية واحدة عن الزناد، فكان الصمت من جديد تجهيزاً وإعداداً، هذه اللغة لغة لا يتقنها إلا الرجال الرجال، فأنعم بهم يا وطن من رجال. وتبع اكتشاف النفق عملية بوابة المجهول، أو كما وصفها بعض الأخوة بصيد الأغبياء، الذين حاولوا جس نبض المقاومة بتوغلات محدودة في بعض المناطق (ولا أقول الحدودية) المطلة على الأراضي المحتلة عام ١٩٤٨، فكانت المفاجأة الثانية بخروج الرعب القسامي من نفس المكان، الذي من المفترض أنه أصبح ساقطاً، ومن الصعب (بتفكير البشر) أن يستخدم لمهمة جهادية، ولكنه توفيق الله ومعيته، ليعلم الجميع أن الله مع الذين آمنوا، يؤيدهم ويثبتهم، ويصطفي منهم شهداء، يودعون الدنيا بابتسامة، لا يعرف مغزاها ولا معناها ولا سببها إلا حماة الثغور. وتتوالى المفاجأت، وهذه المرة بمؤتمر إعلامي ناري مختصر لصاحب الكوفية الحمراء، ويحمل عدة رسائل موجهة للجميع دون استثناء، ليضع النقاط على الحروف في بضع أمور، ويتركها غائمة في أمور أخرى، لتحتار معها العقول الصهيونية. والاحتلال يعلم صدق القسام، الذي في أمثالهم قال الشاعر: إذا كذب البـرق اللمـوع لشـائـمٍ...فبـرق حسامي صـادقٌ غير كـاذب. وتستمر المواجهة، وتتنوع خلال أيام، من الأنفاق والمواجهة التحت أرضية، إلى المواجهة البرية والإعلامية، فتأتي المواجهة الجوية والتقنية، ليبدأ تفكيك هيروغليفيا الزنانات التي أقلقت الصغير قبل الكبير، لينتقل القلق إلى مضاجع بني صهيون. فقد وصلت الرسالة من المصدر تقول لبني صهيون: أينما كُنْتُمْ..في القدس...في تل أبيب..في النقب...ستصلكم حمم الغضب.. سيصلكم القسام بوابل من لهب... وللجميع أقول أنه طالما هناك احتلال فالحرب واردة في كل لحظة، حتى يتحقق الوعد الرباني بتحرير هذه الأرض من دنس يهود، الإعداد متواصل، والجاهزية متحققة بإذن الله، ومع ذلك استمعوا إلى المصطفى حيث يقول: (أيها الناس، لا تمنوا لقاء العدو، وسلوا الله العافية، فإذا لقيتموهم فاصبروا، واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف) ونحن عشاق الجنة، ورغم ذلك لا تتمنوا قيام أي...حرب..
الاثنين، 4 نوفمبر 2013
حياة
بمراجعة العديد من منشورات وتعليقات نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، تشعر أحياناً أنهم كانوا من سكان المدينة الفاضلة، ولكن شاءت الأقدار أن تأتي بهم إلى هذه المدينة المحاصرة، والمهددة باستمرار من الاحتلال الصهيوني. فلذلك تجد بعضهم (وهذا حقه) ينتقد الواقع الحالي، وأفعال الآخرين في حياتهم اليومية، من حيث النظام والنظافة والالتزام بالقوانين. ورغم أن انتقاداتهم في مكانها، إلا أن بعضهم نسى أنه جزء أصيل من هذا المجتمع، والذي ثقافته هي محصلة العادات والتقاليد المتراكمة لأفراده. وبيت القصيد هنا، أن إصلاح الواقع المجتمعي لا يمكن أن ينجح إلا بإصلاح الفرد، وهذا يكون من جهتين. الجهة الأولى والأهم هي الفرد نفسه، فالإصلاح يبدأ من الذات. والفئة الأكبر من المجتمع هم الشباب، وهم الفئة المثقفة الواعية والقادرة على إحداث تغيير حقيقي في السلوكيات، وإحداث نقلة نوعية في الثقافة السلبية المتراكمة والمبررة (بصورة خاطئة) في كثير من الأحيان بعَلَّاقِة الحصار والاحتلال والوضع الاقتصادي، وهي بريئة من تصرفاتنا براءة الذئب من دم يوسف عليه السلام. فعلى سبيل المثال، لا الحصر، ما علاقة هذه الجوانب بقيادة المركبة في الاتجاه المعاكس؟، أو بترك القمامة خلفنا بعد جلسة سمر في أحد الأماكن العامة؟، أو إشغال الرصيف بأسياخ الشاورما أو صناديق الشيبسي والكولا؟، والأمثلة كثيرة، وكلها تعبر عن سلوكيات خاطئة وتصرفات غير مقبولة. ولو فكر الواحد منا مرتين، بعيداً عن الأنا، لما ارتكبها مرة أخرى، ولو شعر كل منا بحجم الجريمة التي يرتكبها بحق الآخرين لعاود النظر في مجمل تصرفاته. فمن الذات ينطلق قطار الإصلاح والتغيير، وصدق الشاعر الذي قال: إبدأ بنفسك فانهها عن غيها...فإن انتهت عنه فأنت حكيم، بل صدق الله تعالى حيث يقول: (أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون). والجهة الثانية المسؤولة عن تغيير الواقع المجتمعي والسلوكيات العامة وتشكيل الثقافة هي المؤسسات الرسمية وغير الرسمية، فعليها دور أساس في التغيير والتطوير والإصلاح، من خلال البرامج التوعوية والفعاليات الإرشادية. وما أجمل عبارة لي كوان يو صانع نهضة سنغافورة، حيث يقول في هذا المجال: (اصنعوا الإنسان قبل أي شيء، أمنوا المرافق والخدمات، ثم اجعلوه يستخدمها بطريقة حضارية ونظيفة، وأعيروا التفاصيل الحياتية اليومية كل الاهتمام). والوسائل لتحقيق ذلك متعددة، لا تتوقف على المنشورات والمقالات والبوسترات والندوات والمحاضرات وورش العمل، فالوسائل الإعلامية تطورت بصورة كبيرة جداً من خلال الإعلام المرئي على وجه التحديد، وخصوصاً أن الصورة في كثير من الأحيان قد تغني عن ألف كلمة، فما بالك لما تكون هذه الصورة متحركة، بأنواعها الواقعية أو التمثيلية أو الكرتونية، ولكل منها جمهورها وأثرها. وللأسف أقول أن التوعية لوحدها لا تكفي، ففي كثير من الأحيان نحتاج إلى دفع الناس للخير، وحملهم على ذلك بالقانون، وبالتالي تشجيع وتحفيز الملتزمين، ومعاقبة ومخالفة كل من تسول له نفسه القيام بإجراءات أو أعمال غير قانونية، بل غير حضارية. وهنا لا بد من الحزم القانوني على نهج: (إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن)، واسمحوا لي أن أضع بين أيديكم هذه المعادلة الميدانية: (الحزم القانوني = انضباط وأمن وسلوكيات راقية = راحة وانسيابية في الميدان = رضا عام من المواطنين = خدمات أكثر = هيبة واحترام). وهذا الحزم القانوني لا يحتاج إلى حملات موسمية، بل إلى خطط تنفيذية وبرامج عملية مستمرة ومتواصلة، بحيث يصبح عملاً متواصلاً ومستمراً، تتحول معه ومع برامج التوعية والإرشاد والتثقيف السلوكيات الخاطئة إلى سلوكيات حضارية، فتصبح معهما النظافة والنظام والالتزام بالأخلاق الحميدة والتمسك بالفضيلة من ضمن العادات والتقاليد، بل تصبح نهج... حياة...
الجمعة، 1 نوفمبر 2013
فراق
غداً تفترق العيون
تتباعد الأجساد
تنقطع الكلمات
غداً يأتي المنون
يجف المداد
وتبقى الذكريات
فاذكروني مع كل فجر
مع كل صباح
مع كل غروب
مع كل مساء
وسأذكركم بكل خير
يسبقه السماح
لأحباب القلوب
وحتى من أساء
هي لحظات
تقصر أو تطول
صعبة لا تهون
لها بداية
لها نهاية
تملأها نظرات
تصاحبها عبرات
تخنقها كلمات
أغلقوا الأفواه
أسدلوا العيون
ووريت الأجساد
فإلى لقاء
عساه قريب
في جنات
رب السماء
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)