بعد أيام تنتهي امتحانات الثانوية العامة، ذلك الكابوس الذي يخيم على معظم بيوت القطاع، وهنا لن أتحدث عن كيفية تخطي هذا الكابوس فالوقت لذلك انتهى، ولن يكون الحديث عن مرحلة ما بعد الثانوية العامة والنتائج واختيار التخصص فلنا وقفة قريبة بالخصوص إن شاء الله. ولكن ما أود التطرق إليه هنا، هو أنه بكل تأكيد بعد فترة الامتحانات سيزداد عدد مرتادي الأماكن العامة، وسيزداد عدد المصطافين على شواطئ البحر والمتنزهات والاستراحات وفي منطقة الجندي المجهول وفي غيرها من المناطق التي لن تكلف صاحب العائلة الكثير من المصاريف لو فكر بالترفيه عن أولاده وعائلته، وهذا أمر إيجابي لما فيه على الأقل من الترويح عن النفس ومن تفريغ للطاقات والشحنات الزائدة. وبيت القصيد من هذا المقال أننا نتمنى من كل رجل وامرأة، من كل شاب وفتاة، من كل طفل وطفلة، أن يعتبروا هذه الأماكن العامة مثل بيوتهم بل ملكهم الخاص الدي قد يعودون بعد أسبوع أو أقل أو أكثر لارتياده مرة أخرى. وبالتالي الحفاظ عليه وعلى ما فيه والاهتمام بتركه نظيفاً منظماً بل أفضل مما كان، وعلى الأقل من باب تطبيق أحكام ديننا، ألسنا نردد منذ صغرنا: النظافة من الإيمان!. وطرق الحفاظ على المكان ونظافته سهلة وميسورة، فكلنا عندما يشتري ما يريد تناوله في نزهته من طعام وشراب تكون معنا أكياس تفيض عن حاجتنا بعد الانتهاء من النزهة، وبالتالي من السهل تجميع القمامة بها وإلقائها في أقرب حاوية للقمامة، حتى لو لم تكن الحاوية قريبة، وهنا دور البلديات في تركيب العدد المناسب في كل الأماكن العامة، بل كذلك إلزام الاستراحات والمطاعم والمحلات بوضع سلات لذلك أمام هذه المرافق، وذلك من باب عدم ترك أي ذريعة للمواطنين بإلقاء القمامة هنا وهناك. وهنا أؤكد أن ثقافة المجتمع عبارة عن تراكمات من السلوكيات والعادات والتي يمكن تغييرها بالتدافع، بالتوجيه تارة وبالإلزام تارة أخرى، أو بهما معاً. والمسؤولية جماعية على الحكومة بمؤسساتها ذات العلاقة وعلى مؤسسات المجتمع المدني، وعلى الفرد نفسه. وبدون تكاتف الجهات الثلاثة لتغيير السلوكيات الخاطئة لا يمكن تحقيق أي اختراق إيجابي في هذا المجال.
والدور الأساس هنا فيما يتعلق بالنظافة فيما يتعلق بالخكومة يقع على كاهل مجموعة من الوزارات، ومنها وزارة الحكم المحلي من خلال البلديات ووزارة التربية والتعليم والثقافة والأوقاف، وذلك من خلال الأنشطة التوجيهية والتوعوية والإرشادية، وكذلك من خلال سن الأنظمة والتعليمات والتشريعات والعقوبات التي تشجع وتدفع المواطنين إلى الالتزام بالنظافة. وأما مؤسسات المجتمع المدني فواجبها عظيم من خلال القيام بالمبادرات والحملات وتشجيع العمل التطوعي وتنظيمه. وأما العنصر الأهم فهو المواطن نفسه الذي يجب أن يستشعر بدوره في الحفاظ على الممتلكات والأماكن العامة والحفاظ على البيئة، ليس فقط لأجله ولكن لأجل أبنائه وأحفاده كذلك، ولن يتغير الحال إلا إذا استشعر المواطن بخطأه إذا ألقى القمامة هنا وهناك ولم بحافظ على نظافة المكان الذي استخدمه، وبدأ يغير سلوكه في هذا المجال ليكون قدوة للآخرين.
وصدق من قال:
نظافة الأوطان ِعلى مدى الأزمان ِ
ترقى بهـا وتـعلو مكانة الانسان ِ
ودونها يعاني مرارة الهوان ِ
تخلف العقول وعلة الأبـدان ِ
لذا لتتكاتف الجهود من أجل غزة نظيفة ولتكون سلوكياتنا طريقنا إلى ركب الحضارة