في ظل العالم الافتراضي الجديد، ووسائل التواصل الاجتماعي المتعددة، وواقع الحريات التي أخذ منحاً جديداً بعد ثورات الربيع العربي، ازداد مجال التعبير عن الرأي وتبادل الآراء ومناقشتها والخوض في أي موضوع يخطر على بال أي فرد، ولكن دون إعطاء أي اهتمام أو اعتبار في بعض الأحيان لتأثير ما نكتب أو نطرح من مواضيع على النسيج المجتمعي. ويتجاوز الأمر في بعض الأحيان حواجز الاحترام والخصوصية، وقد يصل إلى حدود المصداقية. ويأتي ذلك تحت ستار حرية الرأي والتعبير والنقد الذي يصفوه بالبناء. وهذا الكلام لا يعني أننا ضد أن يدلي كل فرد في المجتمع برأيه ويعبر عما في داخله، بالعكس فإن المجتمعات لن تتطور ولن تتقدم إلا إذا شارك الجميع بالهم العام، وشعر الكل أن الإصلاح هو جزء من مسؤولياته.
ويعلم الله أن في قلوبنا متسعاً حتى لمن يخالفنا الرأي من أبناء شعبنا، وفي نفوسنا شعور بالتقصير تجاههم مهما عملنا أو قدمنا لهم، ونسعد بانتقاداتهم، ونسعى للعمل بها، لكن على أساس أن تكون هذه الانتقادات بناءة وتصب في المصلحة العامة، فنحن نسدد ونقارب، نجتهد ونحاول، كل حسب طاقته وفهمه وقدرته فالله المستعان وهو الموفق.
وفي جوهر الانتقاد أقول للمنتقدين:
إن الانتقاد الصادق يشق طريقه إلى العقول والقلوب بكل سلاسة ويسر، ويلقى القبول بكل ترحاب وشكر، لذلك انتقد بكل حرية ولكن تذكر أن للناس عيون وألسن، بالتالي انتقادك يجب أن يكون بصراحة لا تصل بأي حال من الأحوال إلى الوقاحة. واهدف من انتقادك التطوير لا التدمير... التغيير لا التشهير... التصحيح لا التجريح. وكما قال موليير: على الإنسان أن ينظر لنفسه بتأمل وعمق قبل أن ينتقد الآخرين. وقبله قال الإمام الشافعي رحمه الله: تعمدني بنصحك في انفرادي... وجنبني النصيحة في الجماعة... فإن النصح بين الناس نوع... من التوبيخ لا أرضى استماعه. وقبلهما قال الفاروق عمر: رحم الله من أهدى لي عيوبي.
ولمن يوجه له الانتقاد أقول أن مقولة عمر رضي الله عنه: (لا خير فيكم إذا لم تقولوها ولا خير فينا إذا لم نسمعها) يجب أن تكون الباعث الأساس لك لحض الجميع وتشجيعهم على توجيه النقد والنصح لك، وذلك عملاً بحديث المصطفى صلى الله عليه وسلم: "الدين النصيحة، قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم " واعتبر النقد جزءاً من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. فلا يجب أن تجد في نفسك ضيراً أو حرجاً من انتقادات الآخرين.
ومن جديد نؤكد على ضرورة أن يمارس الجميع حقه بالمشاركة برأيه في كل القضايا المجتمعية، وأن يساهم بانتقاداته في تغيير الواقع المجتمعي، مستغلاً وسائل التواصل الاجتماعي الجديدة أو أي وسيلة يراها مناسبة، لذا أخي الحبيب: انتقد...ولكن ...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق