تعتبر النقابات من القطاعات المجتمعية الهامة والأساسية في دعم مسيرة المجتمعات ونموها ونهضتها، بل إن العمل النقابي في كثير من الأحيان يمثل المؤشر الأساس في مدى قوة هذه المجتمعات وتطورها، وفي احترامها للعمل المؤسساتي والمهني على حد سواء.
وفلسطين على وجه العموم، وقطاع غزة على وجه الخصوص، شهدت اهتماماً كبيراً بالعمل النقابي، وكذلك كان للعمل النقابي الدور الفعال والهام في سنوات الاحتلال وما بعدها في كافة المجالات المجتمعية وليس فقط في المجال النقابي لوحده. بل إن العمل النقابي كان الواجهة السياسية في زمن الاحتلال، وكان التنافس على أشده بين الفصائل لتجسيد أفكار الفصائل والحركات، وكذلك لتنفيذ مشاريعهم الوطنية من خلال هذا المنفذ شبه الوحيد في حينه. وكانت الكتل المهنية النقابية تتسابق في خدمة المجتمع من خلال برامجها الانتخابية، وعلى أرض الواقع من خلال أعمالها التطوعية المتنوعة والمتعددة، فكان التنافس مشرعاً على مصراعيه في هذا المجال، فنعم التنافس كان، ونعم النهج الذي نريد أن يعود للساحة النقابية. ولقد تم تنظيم العمل النقابي من خلال جمعيات تم تشكيلها بناء على قانون الجمعيات العثمانية. وكان دائماً تطلع وطموح الجميع تنظيم العمل النقابي وفقاً لقانون يتم إقراره من المجلس التشريعي الفلسطيني، وهذا ما كان. حيث أقر المجلس قانوناً للنقابات أصبح ساري المفعول، وينتظر فقط أن تبدأ الجمعيات المهنية والمتعارف عليها بمسمى النقابات بتسوية أوضاعها وفق القانون الجديد، حتى تتحول فعلياً وعملياً إلى نقابات. ومن المؤكد أن تطبيق القانون يعتبر من أهم الأدوات التي ستعمل على حفظ وحماية حقوق أبناء المهن المختلفة من أي استغلال كان، كما سيساهم في وضع أساس لتحسين ظروف وطبيعة المهنة، وهذا طبعا ينعكس إيجاباً علي قدرة النقابات في خدمة أعضائها، وبكل تأكيد سيعود ذلك بالنفع على المجتمع بصفة عامة، لما لذلك من أثر في عملية التنمية، والتي يعتبر الإنسان هو أداتها وهدفها. وإذ نبارك للنقابيين والنقابيات هذا الإنجاز، فإننا في نفس الوقت ندعوهم لبذل المزيد ﻣﻦ الجهد ﻣﻦ أﺟﻞ خدمة مجتمعنا من خلال العمل النقابي، فمجتمعكم يعول عليكم كثيراً، وأنتم أهل لذلك، فكما كُنْتُمْ في السابق العنوان، وما زلتم كذلك، فيجب أن تستمروا بعطاء أكبر وبهمة عالية ومتجددة، وخصوصاً بعد حالة الفتور التي شابت العمل النقابي في الفترة الأخيرة بسبب ضعف التنافس بين الكتل المختلفة لإحجام البعض عن هذا الميدان بسبب الانقسام. لذلك هي دعوة مفتوحة لزملائنا قادة العمل النقابي بأن نضع خلافاتنا السياسية جانباً، وننظر للوطن بمفهومه الشامل والذي يحتوي الجميع ولا يقوم إلا بجهود الجميع، فهلموا لعودة العمل النقابي إلى المقدمة، كونوا قادة بمعنى الكلمة. وأعيدوا تلاحم الوطن من جديد من خلالكم، واستغلوا هذه الفرصة، فرصة تشكيل النقابات بثوبها الحقيقي والجديد، ويقيني أنكم أصحاب مبادرات، ووطننا بحاجة لمبادرات وحدوية، فليس فقط أبناء مهنتكم بحاجة لكم ولتوحدكم، فهل ستحظون بشرف العمل على إنهاء الانقسام، والوحدة المجتمعية؟ ننتظركم وبقوة، فهذا أملنا بكم يا: نقابات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق