يشهد العالم يومياً تغيرات كثيرة في كل مناحي الحياة، وهي ناجمة عن تغير المتطلبات المعيشية والظروف المحيطة بالإنسان. وهذا التغير يجب أن يواكبه تعديل مستمر ومتواصل على القوانين البشرية والأنظمة المعمول بها واللوائح التنفيذية والقرارات الإدارية وكل المسميات الإدارية والفنية الناظمة للعمل. وإذا لم يحدث هذا التعديل فإن عجلة التطور والتقدم ستجد أمامها العراقيل العديدة والعقبات المختلفة، والتي ليست لها مبرر أو سبب مقنع، سوى الخوف من التعديل والتغيير، أو التعود على ما هو موجود. وهذا الجمود الفكري والإداري في فهم طبيعة المرحلة، لهو العائق الأول أمام قطار التنمية والنهضة، والذي يجب أن تفكر المجتمعات النامية بتسييره وبأسرع وقت، وخصوصاً التي تمتلك القدرات البشرية أو الموارد الطبيعية، فليس لديها عذر بالتأخر في الصعود على متن هذا القطار. وفي كثير من الأحيان تتعثر بعض المشاريع بسبب إجراءات روتينية قاتلة، وإذا ما سألت عن السبب، فستجد الجواب السحري: هكذا تعودنا، أو هذه هي القرارات المعمول بها، أو قل إن شئت: (هذا ما ألفينا عليه أباءنا)، أو لا يعلمون أن الزمان يتغير، وأن الشافعي رحمه الله كان يفتي في مصر بفتوى تختلف عن فتواه في العراق، أو لا يعلمون أن الذي سن هذه القرارات هم بشر؟، وأقروها وفق بيئة محيطة بهم تختلف عن الحالية، وحتى إن بقي المكان، فلم بعد الزمان هو الزمان، وأن القرارات مهما كانت فهي اجتهادية قابلة للتطوير وللتغيير والتعديل، بل ولم لا الحذف والإلغاء كذلك؟!. لذا فنحن بحاجة إلى حراك ديناميكي مستمر ومتواصل، وعلى كافة المستويات في البعد عن الروتين، والقبول بالموجود وكأنه مسلمات مقدسة لا يجوز الاقتراب منها أو المساس بكينونتها. ويقفز للذهن هنا قصة القرود الخمسة، التي وضعوها في قفص وفي أعلاه وضعوا موزاً، وكلما حاول قرد الاقتراب من الموز رشوا عليه وعلى الآخرين ماءً بارداً، حتى أصبح القرود يمنعون بعضهم من محاولة الاقتراب من الموز خوفاً من الماء البارد. وبدأوا بتبديل قرد من القفص بقرد جديد لعدة مرات، وكلما حاول الوافد الجديد الوصول للموز كان الآخرون يضربوه تفادياً للماء. وتوقف الماء البارد، واستمر تغيير القرود، إلا أنهم استمروا بضرب من يحاول الصعود للموز رغم تغييرهم جميعاً. فأصبح القرود الخمسة الجدد لا يقتربون من الموز رغم أنهم لا يعرفوا حكاية الماء البارد، ولكنها العادة التي تعودوا عليها، أو الروتين الذي وجدوا من قبلهم عليه. وكثير منا ينفذ نفس التصرف، يقوم بالأمر دون معرفة السبب. حكاية أخرى تلك الفتاة التي كلما تقلي سمكاً تقوم بقص رأسه وجزءاً كبيراً من ذيله، وعندما سألتها زميلتها لم تقوم بذلك؟ قالت: هكذا رأيت أمي تعمل! وعندما سألت أمها قالت: هكذا رأيت جدتك تعمل، وبالرجوع إلى جدتها قالت لها: في زمننا كان المقلى صغيراً، فكنت أقوم بذلك حتى يستوعب المقلى السمك، أما الآن فلديكن أحجاماً متنوعة وأكبر، فتستطيعين أن تقلي السمكة كلها. إذن هو التقليد الأعمى والروتين القاتل الذي يجب أن نتخلص منه، وأن نساعد الآخرين على الشفاء منه. وأذكر أن أول توجيه لي للمدراء العامين في وزارة المواصلات كان أن القوانين والقرارات واللوائح والتعليمات وضعها بشر، فجميعها يمكن أن يتعدل ويتغير لتسيير العمل بصورة أفضل، ولتيسير الأمور على الناس. وهنا أكرر من جديد دعوتي لجميع العاملين في المؤسسات الحكومية وغير الحكومية: التغيير سنة حياة، والتطوير نهج للتقدم، والتفكير خارج الصندوق سلوك المتميزين، والروتين قاتل للحياة والتقدم والتميز، فإياكم والروتين.
الأحد، 22 ديسمبر 2013
روتين
يشهد العالم يومياً تغيرات كثيرة في كل مناحي الحياة، وهي ناجمة عن تغير المتطلبات المعيشية والظروف المحيطة بالإنسان. وهذا التغير يجب أن يواكبه تعديل مستمر ومتواصل على القوانين البشرية والأنظمة المعمول بها واللوائح التنفيذية والقرارات الإدارية وكل المسميات الإدارية والفنية الناظمة للعمل. وإذا لم يحدث هذا التعديل فإن عجلة التطور والتقدم ستجد أمامها العراقيل العديدة والعقبات المختلفة، والتي ليست لها مبرر أو سبب مقنع، سوى الخوف من التعديل والتغيير، أو التعود على ما هو موجود. وهذا الجمود الفكري والإداري في فهم طبيعة المرحلة، لهو العائق الأول أمام قطار التنمية والنهضة، والذي يجب أن تفكر المجتمعات النامية بتسييره وبأسرع وقت، وخصوصاً التي تمتلك القدرات البشرية أو الموارد الطبيعية، فليس لديها عذر بالتأخر في الصعود على متن هذا القطار. وفي كثير من الأحيان تتعثر بعض المشاريع بسبب إجراءات روتينية قاتلة، وإذا ما سألت عن السبب، فستجد الجواب السحري: هكذا تعودنا، أو هذه هي القرارات المعمول بها، أو قل إن شئت: (هذا ما ألفينا عليه أباءنا)، أو لا يعلمون أن الزمان يتغير، وأن الشافعي رحمه الله كان يفتي في مصر بفتوى تختلف عن فتواه في العراق، أو لا يعلمون أن الذي سن هذه القرارات هم بشر؟، وأقروها وفق بيئة محيطة بهم تختلف عن الحالية، وحتى إن بقي المكان، فلم بعد الزمان هو الزمان، وأن القرارات مهما كانت فهي اجتهادية قابلة للتطوير وللتغيير والتعديل، بل ولم لا الحذف والإلغاء كذلك؟!. لذا فنحن بحاجة إلى حراك ديناميكي مستمر ومتواصل، وعلى كافة المستويات في البعد عن الروتين، والقبول بالموجود وكأنه مسلمات مقدسة لا يجوز الاقتراب منها أو المساس بكينونتها. ويقفز للذهن هنا قصة القرود الخمسة، التي وضعوها في قفص وفي أعلاه وضعوا موزاً، وكلما حاول قرد الاقتراب من الموز رشوا عليه وعلى الآخرين ماءً بارداً، حتى أصبح القرود يمنعون بعضهم من محاولة الاقتراب من الموز خوفاً من الماء البارد. وبدأوا بتبديل قرد من القفص بقرد جديد لعدة مرات، وكلما حاول الوافد الجديد الوصول للموز كان الآخرون يضربوه تفادياً للماء. وتوقف الماء البارد، واستمر تغيير القرود، إلا أنهم استمروا بضرب من يحاول الصعود للموز رغم تغييرهم جميعاً. فأصبح القرود الخمسة الجدد لا يقتربون من الموز رغم أنهم لا يعرفوا حكاية الماء البارد، ولكنها العادة التي تعودوا عليها، أو الروتين الذي وجدوا من قبلهم عليه. وكثير منا ينفذ نفس التصرف، يقوم بالأمر دون معرفة السبب. حكاية أخرى تلك الفتاة التي كلما تقلي سمكاً تقوم بقص رأسه وجزءاً كبيراً من ذيله، وعندما سألتها زميلتها لم تقوم بذلك؟ قالت: هكذا رأيت أمي تعمل! وعندما سألت أمها قالت: هكذا رأيت جدتك تعمل، وبالرجوع إلى جدتها قالت لها: في زمننا كان المقلى صغيراً، فكنت أقوم بذلك حتى يستوعب المقلى السمك، أما الآن فلديكن أحجاماً متنوعة وأكبر، فتستطيعين أن تقلي السمكة كلها. إذن هو التقليد الأعمى والروتين القاتل الذي يجب أن نتخلص منه، وأن نساعد الآخرين على الشفاء منه. وأذكر أن أول توجيه لي للمدراء العامين في وزارة المواصلات كان أن القوانين والقرارات واللوائح والتعليمات وضعها بشر، فجميعها يمكن أن يتعدل ويتغير لتسيير العمل بصورة أفضل، ولتيسير الأمور على الناس. وهنا أكرر من جديد دعوتي لجميع العاملين في المؤسسات الحكومية وغير الحكومية: التغيير سنة حياة، والتطوير نهج للتقدم، والتفكير خارج الصندوق سلوك المتميزين، والروتين قاتل للحياة والتقدم والتميز، فإياكم والروتين.
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق