لقد اختصرت الفنانة القديرة أمية جحا في كاريكاتيرها الأخير واقع قطاع غزة، والمعاناة الشديدة التي يعيشها هذا الشعب المرابط على هذه القطعة الصغيرة من أرض فلسطين. شعب محاصر من كافة الجوانب ومن كافة الجهات من كافة الأطراف، حتى أصبح مخنوقاً تماماً بين فكي الكماشة. وللأسف تنوعت الجهات المشاركة في هذا الحصار الغاشم والظالم. فبعد أن تمعن الاحتلال في حصار غزة وشعبها منذ ما يزيد عن ست سنوات، بسبب خيارها الديموقراطي بانتخاب من يمثلها، ومن يقودها، ليحقق لها ليس فقط أمنها وأمانها بمجابهة فرق الظلم والموت، بل وشطبها نهائياً بلا رجعة من قاموسها المحلي، وكذلك من يحقق لها عزتها وكرامتها بمجابهة الاحتلال ومقاومته ودحره إن فكر مرة جديدة باحتلال هذه البقعة المباركة بشعبها التي تم تطهيرها من دنسه، حتى وإن بقي له أعوان يحاولون بين الفترة والأخرى زعزعة الأمن من خلال مشاركتهم في محاولات الاغتيال وتوصيل معلومات وبيانات ودس الفتنة هنا وهناك، وليس بآخرها المحاولة البائسة واليائسة من إيجاد ما يسمى بحركة تمرد. هذه الحركة لن ترى النور بإذن الله على أرض الواقع، بل هي مجرد غوغائيات في نطاق العالم الافتراضي في مواقع التواصل الاجتماعي، ولن تتعدى هذا النطاق، بل ستندثر كذلك قريباً بإذن الله حتى من على الصفحات التواصلية إن تم إهمالها وإعطاؤها حجمها الحقيقي، ولا حجم لها. ستندثر وسيندثر الاحتلال وحصاره الغاشم، لأنه ببساطة، غزة وشعبها صابرون محتسبون، رغم المعاناة ورغم الآلام والأزمات والصعوبات التي مر ويمر بها، فثقته بالله كبيرة، ويقينه بأن قيادته الحالية هي خير من تمثله، رغم التشويهات الإعلامية، ورغم الأخطاء البشرية التي قد تحدث هنا وهناك من مسؤول أو آخر. وهم يعلمون أن هذه القيادة لا تدخر جهداً في الوصول بالشعب إلى حياة سعيدة هانئة، وهي تواجه الضغوطات من الجميع دون استثناء. وللأسف فقد تعددت أبواق الباطل التي بنعيقها تساهم في تعميق الخناق على أبناء الشعب في النواحي الحياتية الاقتصادية وحتى الإنسانية وحتى الإعلامية. وما نشهده في الفترة الأخيرة من إجراءات ظالمة من الجيش المصري بتدمير الأنفاق، وتفجير البيوت المتاخمة للحدود الفلسطينية المصرية، وإغلاق المعبر، لم نكن نتوقعها أو نتخيل أن تحدث في يوم من الأيام. فمصر كانت وستبقى بإذن الله الرئة التي يتنفس من خلالها القطاع وأبناء القطاع. وقناعتنا أن هذا التغيير هو بمثابة سحابة صيف وستنقشع، ويعود الأمن والأمان والاستقرار إلى مصرنا الحبيبة، لتعود معه الحياة إلى غزة. ولكن إلى حينه لا بد من التراجع عن هذه السياسة الخاطئة والممارسات غير المقبولة من تدمير أنفاق وغلق المعبر. هذان الأمران يؤديان بلا أدنى شك إلى تعطيل الحياة، ولا أريد أن أقول إلى قتل الحياة، فهما الشريان الوحيد للمواد الأساسية والسلع الضرورية والاحتياجات الانسانية من أدوية وخلافه، ومن مستلزمات حياتية. وكذلك إغلاق معبر رفح الذي يؤدي إلى فقدان الكثير مواقع عملهم في الخارج، وعدم تمكن آخرين من الالتحاق بجامعاتهم، والمرضى من السفر للعلاج في الخارج، والسلبيات كثيرة لا تعد ولا تحصى. وإن كانت السلبية الأكبر والأكثر جرحاً هي السلبية المعنوية، فكنا وما زلنا ننظر إلى مصر بأنها الأخ الأكبر، وأنها الحاضنة لعموم الأمة العربية، والتي تدعم إخوانها وأشقاءها وأبناءها وخصوصاً في فلسطين معنوياً ومادياً، فهي السند الحقيقي والأول ليس في تحقيق وتوفير متطلبات الحياة، بل في تحرير فلسطين كل فلسطين بإذن الله. فبالتالي لا نتوقع أن تستمر كثيراً بأن تكون أحد أذرع الكماشة، بل ستردد عملياً وقريباً غزة حرة عزيزة مكرمة وبلا...حصار...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق