بداية تقبل الله طاعاتكم وكل عام وأنتم بخير، وعودة ميمونة ومباركة إلى ميادين العمل والإنتاج، أو مشاوير البحث عن العمل، فأعلم أن عدداً لا بأس به من شبابنا يبحثون عن فرصة للعمل، يثبتون من خلالها ذاتهم، ويحققون تطلعاتهم بغد مشرق وسعيد، عساهم يتمكنوا من تكوين أسرة جديدة تضاف إلى هذا المجتمع، وعساهم يحققوا سعادتهم المنشودة في الدنيا والآخرة. ولا أبالغ إن قلت أن مجتمعنا يعيش حالة من التناقضات العجيبة والغريبة، بين العمل والبطالة، الغنى والفقر، الأفراح والأتراح، السعادة والآلام، ولكنه يتعايش معها بصورةٍ عجيبة، حقيقةً تحتاج إلى دراسة، مع يقيني أن الدراسات التحليلية المعتمدة على أرقام ومعادلات البشر، لن تصل إلى حلول أو نتائج مقنعة. وهذا يعود إلى أمر بسيط، وهو أن حسابات رب البشر فوق كل الحسابات، وتتجاوز كل المقاييس والنظريات البشرية، فهو الذي إذا أراد شيئاً فإنما يقول له كن فيكون. شعبنا يرزح منذ زمن تحت نيران الاحتلال، وما زال يعاني من آثاره السلبية هنا وهناك، حصار مطقع في غزة، فلا يريدوا لسكانها الشعور بنعيم الحرية، التي نالها بعد دحر الصهاينة من هذه الأرض الطيبة، ومداهمات متواصلة في الضفة، وما يتبعها من اعتقالات شبه يومية، وفي القدس جرح مفتوح، ونزيف مستمر، في إصرار شديد على تهويدها وتفريغها من أهلها، وفي الشتات حدث ولا حرج، من تهجير إلى تهجير، يصاحبه إراقة دماء، وتنغيص حياة، وحقوق ممنوعة ومسلوبة، ليس لسبب إلا لأنك فلسطيني. وصدق الشاعر يحيى برزق، الذي وصف حال الشعب الفلسطيني فقال: لأني أحمل الإيمان والجرح الفلسطيني... لأن غمائم صهيون لم تخمد براكيني... لأني لم يكن إلا جهاداً دامياً ديني... أُشرد في منافي الأرض أُجلد في الزنازينِ.. هذه الجراح المنكوءة قد تؤثر على البعض لفترات قد تطول أو تقصر، ولكنها لن تفتت من عضد أبناء هذا الشعب الصابر المحتسب. جراح هنا وهناك، وآهات قد لا يسمعها إلا رب البشر، وآلام قد لا يتحملها غيرنا من البشر، ورغم ذلك فلا تسمع إلا في فلسطين: مهرجان شدو الجراح، ولا ترى إلا في هذه الديار: استراحة مسك الجراح، فنعم التناقضات هي. وقد استوقفتني بعض التعليقات على مقالي السابق (فرحة)، والتي تستغرب دعوتي للجميع أن يفرح ويدخل السعادة على أهل بيته وأبنائه في هذه الأيام المباركة أيام العيد، بل في كل الأيام، استوقفتني وهي تستعرض المآسي وما أعظمها، والتي قد تنوء منها الجبال، ورغم ذلك كان ردي: برغم الجراح سنفرح، برغم الألم سنفرح، برغم ما يدور بنا من أحداث سنفرح، فهذه سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم. هذه السعادة والفرحة والسكينة لا يعرفها وهو يواجه خضم الحياة ومتاعبها إلا من غمر وعمر الإيمان قلبه، فاسمعوا إلى هذه الزوجة الصالحة كيف ترد على زوجها وهو يقول أنه سيحرمها من السعادة، تقول له بثقة تامة: لو كانت السعادة في راتب لقطعته عني، أو في زينة من الحلي لحرمتني منها، ولكنها في شيء لا تملكه أنت ولا الناس أجمعون! وأكملت قولها: إني أجد سعادتي في إيماني، وإيماني في قلبي، وقلبي لا سلطان لأحد عليه غير ربي. وهذا الذي يفسر أن الحياة في غزة تستمر وتتواصل رغم الصعاب، ورغم حرمان البعض من مقومات الحياة، تجد محلات تأجير الكراسي تنقلها من بيت عزاء هنا إلى سهرة لفرح في مكان قريب، وشاب يحمل شهادات عليا وحزمة من الدورات التدريبية ومعطل عن العمل يودع آخر سيسافر للالتحاق بأحد برامج الدراسات العليا، وأطفال أثرياء ينظرون بشغف إلى آخرين يلعبون فوق ركام بيوتهم. هذه هي فلسطين، وهذه هي طبيعة الحياة فيها، وطبيعة أبنائها الذين لا يعرفون المستحيل، ولا الصعاب، في أحلك الظروف يبتسمون، في أصعب المواقف يبدعون، منعوا عنهم الوقود فأوجدوا البدائل، منعوا دخول البضائع من المعابر فشقوا الأرض أنفاقا، هدموا بيوتهم فاستخدموا الركام في تعبيد الشوارع، وفي تدعيم سور اللسان البحري في ميناء الصيادين. لم يعجز ولن يعجز هذا الشعب في تخطي الصعاب والأزمات المتتالية، وربما أصعب الهموم حالياً هو هم توفير فرص العمل، وهو هم موجود في كل دول العالم حتى المتقدمة منها، وهنا يزيد، فمعظم الشعب من الشباب، وأملنا بالله كبير وثقتنا به عظيمة، أن هذا الهم إلى زوال، طالما هناك من يجتهد في إيجاد الحلول لذلك. والأهم طالما هناك عقول متدبرة، ونفوس سوية، وقلوب مطمئنة، وعيون ساهرة، وأيادي متوضأة، وأرجل ساعية للفلاح، ولذلك كله فأمام هذه المشاكل والأزمات، وأمام كل المخاوف البشرية فلن تجد من أبناء هذا الشعب المرابط إلا رداً واحداً، وهو الكلمة السحرية: ما... تقلقش...
الاثنين، 21 أكتوبر 2013
تقلقش
بداية تقبل الله طاعاتكم وكل عام وأنتم بخير، وعودة ميمونة ومباركة إلى ميادين العمل والإنتاج، أو مشاوير البحث عن العمل، فأعلم أن عدداً لا بأس به من شبابنا يبحثون عن فرصة للعمل، يثبتون من خلالها ذاتهم، ويحققون تطلعاتهم بغد مشرق وسعيد، عساهم يتمكنوا من تكوين أسرة جديدة تضاف إلى هذا المجتمع، وعساهم يحققوا سعادتهم المنشودة في الدنيا والآخرة. ولا أبالغ إن قلت أن مجتمعنا يعيش حالة من التناقضات العجيبة والغريبة، بين العمل والبطالة، الغنى والفقر، الأفراح والأتراح، السعادة والآلام، ولكنه يتعايش معها بصورةٍ عجيبة، حقيقةً تحتاج إلى دراسة، مع يقيني أن الدراسات التحليلية المعتمدة على أرقام ومعادلات البشر، لن تصل إلى حلول أو نتائج مقنعة. وهذا يعود إلى أمر بسيط، وهو أن حسابات رب البشر فوق كل الحسابات، وتتجاوز كل المقاييس والنظريات البشرية، فهو الذي إذا أراد شيئاً فإنما يقول له كن فيكون. شعبنا يرزح منذ زمن تحت نيران الاحتلال، وما زال يعاني من آثاره السلبية هنا وهناك، حصار مطقع في غزة، فلا يريدوا لسكانها الشعور بنعيم الحرية، التي نالها بعد دحر الصهاينة من هذه الأرض الطيبة، ومداهمات متواصلة في الضفة، وما يتبعها من اعتقالات شبه يومية، وفي القدس جرح مفتوح، ونزيف مستمر، في إصرار شديد على تهويدها وتفريغها من أهلها، وفي الشتات حدث ولا حرج، من تهجير إلى تهجير، يصاحبه إراقة دماء، وتنغيص حياة، وحقوق ممنوعة ومسلوبة، ليس لسبب إلا لأنك فلسطيني. وصدق الشاعر يحيى برزق، الذي وصف حال الشعب الفلسطيني فقال: لأني أحمل الإيمان والجرح الفلسطيني... لأن غمائم صهيون لم تخمد براكيني... لأني لم يكن إلا جهاداً دامياً ديني... أُشرد في منافي الأرض أُجلد في الزنازينِ.. هذه الجراح المنكوءة قد تؤثر على البعض لفترات قد تطول أو تقصر، ولكنها لن تفتت من عضد أبناء هذا الشعب الصابر المحتسب. جراح هنا وهناك، وآهات قد لا يسمعها إلا رب البشر، وآلام قد لا يتحملها غيرنا من البشر، ورغم ذلك فلا تسمع إلا في فلسطين: مهرجان شدو الجراح، ولا ترى إلا في هذه الديار: استراحة مسك الجراح، فنعم التناقضات هي. وقد استوقفتني بعض التعليقات على مقالي السابق (فرحة)، والتي تستغرب دعوتي للجميع أن يفرح ويدخل السعادة على أهل بيته وأبنائه في هذه الأيام المباركة أيام العيد، بل في كل الأيام، استوقفتني وهي تستعرض المآسي وما أعظمها، والتي قد تنوء منها الجبال، ورغم ذلك كان ردي: برغم الجراح سنفرح، برغم الألم سنفرح، برغم ما يدور بنا من أحداث سنفرح، فهذه سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم. هذه السعادة والفرحة والسكينة لا يعرفها وهو يواجه خضم الحياة ومتاعبها إلا من غمر وعمر الإيمان قلبه، فاسمعوا إلى هذه الزوجة الصالحة كيف ترد على زوجها وهو يقول أنه سيحرمها من السعادة، تقول له بثقة تامة: لو كانت السعادة في راتب لقطعته عني، أو في زينة من الحلي لحرمتني منها، ولكنها في شيء لا تملكه أنت ولا الناس أجمعون! وأكملت قولها: إني أجد سعادتي في إيماني، وإيماني في قلبي، وقلبي لا سلطان لأحد عليه غير ربي. وهذا الذي يفسر أن الحياة في غزة تستمر وتتواصل رغم الصعاب، ورغم حرمان البعض من مقومات الحياة، تجد محلات تأجير الكراسي تنقلها من بيت عزاء هنا إلى سهرة لفرح في مكان قريب، وشاب يحمل شهادات عليا وحزمة من الدورات التدريبية ومعطل عن العمل يودع آخر سيسافر للالتحاق بأحد برامج الدراسات العليا، وأطفال أثرياء ينظرون بشغف إلى آخرين يلعبون فوق ركام بيوتهم. هذه هي فلسطين، وهذه هي طبيعة الحياة فيها، وطبيعة أبنائها الذين لا يعرفون المستحيل، ولا الصعاب، في أحلك الظروف يبتسمون، في أصعب المواقف يبدعون، منعوا عنهم الوقود فأوجدوا البدائل، منعوا دخول البضائع من المعابر فشقوا الأرض أنفاقا، هدموا بيوتهم فاستخدموا الركام في تعبيد الشوارع، وفي تدعيم سور اللسان البحري في ميناء الصيادين. لم يعجز ولن يعجز هذا الشعب في تخطي الصعاب والأزمات المتتالية، وربما أصعب الهموم حالياً هو هم توفير فرص العمل، وهو هم موجود في كل دول العالم حتى المتقدمة منها، وهنا يزيد، فمعظم الشعب من الشباب، وأملنا بالله كبير وثقتنا به عظيمة، أن هذا الهم إلى زوال، طالما هناك من يجتهد في إيجاد الحلول لذلك. والأهم طالما هناك عقول متدبرة، ونفوس سوية، وقلوب مطمئنة، وعيون ساهرة، وأيادي متوضأة، وأرجل ساعية للفلاح، ولذلك كله فأمام هذه المشاكل والأزمات، وأمام كل المخاوف البشرية فلن تجد من أبناء هذا الشعب المرابط إلا رداً واحداً، وهو الكلمة السحرية: ما... تقلقش...
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ما تقلقش عنوان سعيد ذكرني باخر مرة رجعت فيها لغزة كل مرة كانت الامور تحتاج الى قلق يردد الاهل و الاصدقاء الدعوة بالعبارة متقلقش و هي تبدو شامله لمعاني اخرى مثل ما دقش . ما تعقدش الامور . ما تسالش. خليها لله . انسى الموضوع . ابتسم
ردحذف