الاثنين، 1 يوليو 2013

جريمة



لا يروق لأحد كان من كان ما يحدث في غزة هذه الأيام من ارتفاع معدل الجريمة بشكل ملحوظ. صحيح أن الأمر ليس سوداوياً كما يصوره بعض الذين يهوون الصيد في المياه العكرة، وفي نفس الوقت ليس وردياً كما يصوره بعض الذين يحاولون تغطية الشمس بغربال. فهذه الأيام المياه ليست شديدة العكر وفي نفس الوقت فالشمس ليست صافية مئة بالمئة. وهنا أود أن أؤكد أن المجتمع الغزي ليس مجتمعاً ملائكياً وكذلك غزة ليست بالمدينة الفاضلة. نحن مجتمع مثل باقي المجتمعات فيه الصالح والطالح، فيه الخير والشر، فيه المحسن والمسيئ. يتدافعون مرة يطفو هذا ومرة تنقلب الصفحة ليطفو الأخر، وإن كنا تتميز ولله الحمد بأن الغلبة للخير. ومع ذلك فإن واقع الجريمة في قطاع غزة في الشهر الأخير مستهجن لعدة أسباب، أهمها أن غزة عاشت بعد فترة التصحيح الأمني قبل ست سنوات مرحلة من الأمن والآمان والاستقرار لم تمر عليها طوال العقود السابقة، وشهد بهذا الأمر القاصي والداني. حيث تم تطهير قطاع غزة بشكل كبير من مرتكبي الجرائم ومشعلي الفتن والفلتان الامني وتم ردع المجرمين بصورة تجعلهم يفكرون ألف مرة قبل القيام بأي جريمة. وبالتالي وصلنا لمرحلة متقدمة في هذا المجال من الصعب بعدها أن يتقبل أي غيور على الوطن أن نتراجع عنها ولو قيد أنملة. وتنوعت الجريمة من الانتحار أو القتل لعدة أسباب وأكثرها الشجارات العائلية، ومحاولة إغراق السوق بالمخدرات وحبوب الالترومادول المدمرة وشبيهاتها، أو السرقة وغيرها.
ولن أتعمق في أسباب هذه الظاهرة وزيادتها في الآونة الأخيرة، فأترك المجال لعلماء الاجتماع لدراسة هذا الواقع والخروج بالعبر المناسبة والتوصيات اللازمة لعودة المؤشر إلى نسبته المقبولة بل إلى درجة الصفر، أو أقرب ما يكون إلى ذلك، ولم لا فمجتمعنا مسلم ملتزم محافظ واع حريص على المصلحة العامة، وعاداتنا وأعرافنا وتقاليدنا تنبذ الجريمة بالفطرة، فما الجريمة إلا انحراف عن هذه القيم والمبادئ. ومع ذلك نقول أن عدة عوامل تؤدي إلى زيادة هذه الظاهرة منها عوامل اجتماعية ونفسية واقتصادية وسياسية وغيرها من عوامل مجتمعة أو متفرقة. وبقدر بسيط من التفصيل تتمثل هذه العوامل بالحصار والمستوى المعيشي الصعب أو الفقر والبطالة والواقع الديموغرافي المتزايد وخصوصاً في فئة الشباب وقلة أو ضيق المسكن، والكبت أو الضغط النفسي، ووسائل التقنية الحديثة التي يساء استعمالها ومنها الإنترنت والتلفاز، وضعف الرادع  القضائي وانحسار الوازع الديني وغيرها من أسباب.
وهنا لعودة الوضع إلى طبيعته وللخروج من هذه الحالة الغريبة على شعبنا لا بد من تكاتف الجميع، أصحاب القرار وأصحاب الفكر والرأي، وكذلك المؤسسات الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني ذات العلاقة بهذا الأمر، ويمكن تلخيص أهم المطلوب بما يلي:
- تقوية الوازع الديني من خلال الدعاة ووزارة الأوقاف.
- مواصلة العمل على تقليل نسبة البطالة في فئة الشباب، وإشغال أوقاتهم بالمفيد.
- التعامل بحزم وصرامة شديدة مع من يثبت أن لديه سلاح غير مرخص.
- سرعة الحكم في قضايا الإجرام الأخيرة وتنفيذ الأحكام فوراً، لتكون رادعاً لمن قد تسول له نفسه القيام بأعمال مشابهة.
- الضرب بيد من حديد على من يساهم في نشر الجريمة بصورة أو أخرى.
- قيام مؤسسات حقوق الإنسان بدورها الكامل ولا تكتفي بانتقاد بعض الإجراءات الحكومية، فعليها دور توعوي توجيهي للجميع.
- زيادة الاهتمام بالمراكز الثقافية والرياضية وتوجيهها، وكذلك يجب أن تعمل هذه المراكز على زيادة فعالياتها وزيادة الجمهور المستفيد منها.
- زيادة الفعاليات التي تساهم في التفريغ النفسي، وكذلك زيادة الاهتمام بالمساحات المفتوحة.
- رجال الإصلاح عليهم دور كبير في حل بعض القضايا المجتمعية، مع التأكيد أنه في كثير من الأحيان الحلول الوسط هي بمثابة الإبر المسكنة المؤقتة.
- التطبيق الصحيح لمفهوم إرضاء الناس، والذي قد يتطلب أحياناً الحزم في القرارات وتطبيق القوانين بصورة كاملة مع العدل فيها.
وتحقيق هذا يتطلب تشكيل خلية متكاملة من كافة الأطراف المذكورة أعلاه، لتنفيذ إجراءات عملية مدروسة وكفيلة بأن نرى غزة قريباً بإذن الله بلا.. جريمة...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق