الاثنين، 29 يوليو 2013

تهانينا


بداية لا بد من تقديم واجب التهنئة لجميع الناجحين والناجحات في امتحانات الثانوية العامة، وتهنئة خاصة للمتفوقين منهم، وهذه التهنئة ممتدة وبكل استحقاق للأهالي الذين عاشوا على أعصابهم لمدة عام كامل، حيث يخيم كابوس التوجيهي منذ بداية العام الدراسي، ويستمر حتى لحظة إعلان النتيجة. وهذا الكابوس لا بد من وضع تصور للتخلص منه، حتى لا تبقى حالة الطوارئ ممتدة لعام كامل في البيت الذي فيه طالب في التوجيهي، وعسانا نتطرق في مقال لاحق لهذا الموضوع. ولكن في هذه المرحلة وبعد أن علت الزغاريد في بيوت، وخيم الحزن في بيوت أخرى، لا بد من الحديث عن ماذا بعد إعلان النتائج؟، وتحديداً أين وجهة الطالب في هذه المرحلة الجديدة من حياته؟، هل يكتفي بهذا القدر من التعليم ويتجه إلى الحياة المهنية؟ هل يلتحق بأحد برامج البكالوريوس العديدة؟ أم يلتحق ببرنامج من برامج الدبلوم؟ هل يلتحق بجامعة محلية أم يبحث عن جامعة عربية أو أجنبية؟. عدة تساؤلات تدور في خلد الطلبة هذه الأيام ومن حقهم بل من واجبهم أن يفكروا فيها ملياً قبل اتخاذ القرار المناسب، لأنه سيتوقف عليه مستقبلهم كله. وهذا التفكير يجب أن ينبني على مجموعة من الأسس أهمها رغبة الطالب نفسه وميوله وكذلك قدراته، ومنها عدم الانسياق لعامل الغيرة والتقليد لقريبه أو لجاره، ولا بأس من التفكير بواقع العمل واحتياجات الوطن من التخصصات. وإن كان العامل الأخير يعتبر من واجب الجهات الرسمية وتحديداً وزارات التعليم العالي والتخطيط والعمل، والتي يحب -من وجهة نظري- أن تحدد الاحتياجات من كل تخصص، وبناءً عليها تضع ما يعرف بمفتاح التنسيق لكل تخصص، وتلزم به الطلبة سواءً كانت دراستهم في جامعات الوطن أو خارج الوطن، وذلك من مبدأ التخطيط للمستقبل، والتقليل قدر الإمكان من نسبة البطالة بين الخريجين. وأما بالنسبة لعقدة الدراسة في الخارج، ومن واقع التجربة العملية أقول: أن المستوى الأكاديمي لجامعاتنا المحلية لا يقل عن الجامعات العربية والأجنبية، بل يفوق بعضها، وخصوصاً التجارية منها، والتي زادت في الفترة الأخيرة بهدف الاستثمار. وهنا نصيحتي أن ينهي الطلبة المرحلة الجامعية الأولى في جامعات الوطن، وإن رغبوا فيما بعد استكمال دراساتهم العليا يمكن التوجه إلى خارج الوطن، حيث الخبرة الأوسع والأشمل، وبالتأكيد لا أقصد هنا الجامعات التجارية. وأما العامل الأهم في تحديد قبلة الطالب بعد الثانوية العامة هو رغبته وميوله، فلا يجب الضغط عليه لدخول الجامعة، فإن كان يرغب في التوجه مباشرة لسوق العمل، وتعلم مهنة معينة فلا بأس في ذلك، وخصوصاً إذا كان مجموعه متدنياً. وإن كان يرغب في الحصول على الشهادة المتوسطة فلنترك له المجال في ذلك، على أن لا يكون الهدف الحصول على مسمى شهادة فقط، وبعدها لا يجد مجالاً للعمل بها، وخصوصاً مع كثرة الكليات التي تقدم برامج والتي بحاجة إلى وقفة جادة من حاجة المجتمع لها، ولا أريد الخوض هنا في مدى كفاءتها ولزومها. وأما إن كانت رغبته بالالتحاق بالجامعة فلا يجب إلزامه بكلية معينة الطب أو الهندسة مثلاً، وهو لا يرغب بذلك. فكم من طالب متفوق التحق بكلية الهندسة على سبيل المثال ولم ينجح فيها لأنه دخلها مضطراً وبضغوطات عائلية لأسباب الغيرة والتقليد. وبالتالي يجب الاختيار الأنسب الذي يتماشى مع شخصية الطالب وأفكاره ومبادئه ومهاراته، ليكون أقرب للنجاح في مستقبله بل إلى الإبداع والتميز. ويستحق الأمر التفكير والتروي في أخذ القرار بمعرفة طبيعة ومجالات عمل كل تخصص، وكذلك قراءة سريعة لبعض كتب وخطط هذه التخصصات، ولا بأس في الجلوس والحوار مع بعض العاملين في التخصصات التي من الممكن أن تناسبه، وكذلك زيارة نقابات التخصص إن وجدت، كل هذا حتى يجد التخصص الذي يعتقد أنه سيتميز به لأنه أحبه، وكما يقول مارك زوكربيرج مؤسس الفيسبوك (من السهل أن تفعل شيئاً تحبه)، وبالتالي ليس النجاح فقط ولكن الإبداع به. وأتمنى على الأهالي عدم الضغط على أبنائهم بالالتحاق بتخصص معين، بل محاورتهم ونقاشهم، وفي نفس الوقت عدم ترك المجال لهم بصورة كاملة، وتركهم لوحدهم يختارون ما يريدون. ونصيحة أخيرة عند اختيار التخصص، التوجه إلى الله وطلب التوفيق منه وأن يشرح البصائر لاختيار الأمثل، وليكن هذا الدعاء مصحوباً بصلاة الاستخارة، فالله هو الموفق وهو الهادي إلى سواء السبيل. ومن جديد إلى أبنائنا وبناتنا الناجحين أقول: وفقكم الله و... تهانينا...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق