تقبل الله طاعاتكم، وكل عام وأنتم بخير. مع انتهاء شهر رمضان ندعو الله تعالى أن يكون قد غفر لنا ذنوبنا، وأن يكون قد كتبنا من المعتوقين من النار، ومن الذين شملهم برحمته. أيام مرت مسرعة إلى باريها، وكأنها مستعجلة لتحمل ما سجلته من أعمال وأحداث ومواقف، لتكون شاهدة علينا يوم القيامة. هي أيام مباركة تضاعفت فيها الحسنات، فالفائز فيها من حصد أكبر كم من الحسنات، وكم نحن بحاجة لها، والخاسر من خرج من هذا الشهر الفضيل كما دخله. هي أيام فيها الخير الكثير (لو علمت أمتي ما في رمضان من خير لتمنت أن يكون الدهر كله رمضان). انتهى الشهر فهل انتهى الخير؟، بكل تأكيد لم ينته، فرب رمضان هو رب شعبان وشوال ورب كل الشهور، وإن ميز الله الشهر الفضيل عن باقي الشهور، إلا أنه تعالى رحيم كريم قريب مجيب الدعوات، ليس في رمضان وحده ولكن في كل الأوقات. صحيح أن الأية الكريمة (وإذا سألك عبادي عني فإني قريب ) جاءت بين آيات الصوم ولكنها كانت عامة في السؤال والجواب، فلم يحدد السؤال الصائمين ولم يحدد الجواب أنه قريب ويجيب دعوة الداعي في رمضان لوحده، بل في كل وقت وفي أي زمان فكان فضل الله علينا كبيرا. إذاً رمضان انتهى، ولكن رب الكون والعباد باق قريب منا أكثر مما نتصور، أقرب إلينا من نَفْسِنا ومن نَفَسِنا. والآيات والأحاديث والأحداث التي تدلل على ذلك كثيرة وعديدة، وقدر الله في ليلة السابع والعشرين من رمضان أن تطرق أحد الإخوة الدعاة إلى هذه الآيات والأحاديث، وذكر من الأحداث والقصص ما هو من قصص الأنبياء والتابعين وكذلك من الواقع المحلي، وتحدث عن معاني ودلالات أن الله قريب من عباده، مؤكداً على ضرورة استشعار هذه المعاني والوثوق منها حتى تتنزل السكينة والطمأنينة في قلوب المؤمنين. فوالله مهما اشتدت المحن ومهما كانت الابتلاءات ومهما ضاقت الدنيا علينا لو دخل اليقين في قلوبنا أن الله قريب مجيب الدعوات، لزالت كل هذه المحن والابتلاءات، ولعوضنا الله ضيق الدنيا بسعة الصدر وبعلو الهامات وبسمو الأرواح. ورغم أن الله قريب منا إلا أننا نحن الذين بحاجة إلى أن نكون قريبين منه، وأن نجتهد بالتقرب إليه عز وجل. وهذا سيتحقق لنا بإذن الله إذا واصلنا في نفس النهج الذي كنا عليه في شهر رمضان من القيام بالعبادات وبنفس الهمة، واسمحوا لي أن أقول أن نستمر بنفس الممارسات الأخلاقية والاجتماعية التي كنا عليها في هذا الشهر، من صلة الرحم وحسن التعامل وكظم الغيظ والعفو عن الآخرين والتغافل عن أخطائهم. وأما العبادات والتي اجتهدنا فيها ما استطعنا إيماناً واحتساباً لا عادة وتقليداً، فلا بد أن نجتهد بمواصلة تأديتها على مدار العام حتى تستمر فينا تلك المعاني والقيم التي اكتسبناها في هذا الشهر، والأهم حتى نزداد تقرباً إلى الله، وليكن شعارنا في باقي العام بعد شهر رمضان: قليل دائم خير من كثير منقطع. فليجتهد كل منا في صيام التطوع والنافلة، وأعرف الكثيرين من المواظبين على صيام أيام الاثنين والخميس وكذلك ما تعرف بالأيام البيض وهي الأيام الثلاثة في منتصف الشهر الهجري وغيرها، ولكنني أقول على الأقل أن نجتهد في صيام يوم واحد على الأقل من كل شهر. ونفس الأمر بالنسبة للقيام، فحبذا لو قامت المساجد بتنظيم صلاة القيام مرة في الشهر، حتى نعود أنفسنا على حب القيام. وأما بالنسبة للقرآن الكريم، فالكثير منا لا يتذكره إلا في هذا الشهر وبعدها يضع المصحف في المكتبة حتى العام القادم، فلماذا لا يكون لنا ورد يومي مهما كان صغيراً؟. ندعو الله تعالى أن نكون من الذين يذكرون الناس فيبدأون بأنفسهم، وأن يقدرنا عز وجل على أن تبقى قلوبنا وأرواحنا وألستنا تلهج بالدعاء تقرباً إليه مستشعرين قوله تعالي: وإذا سألك عبادي عني فإني... قريب...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق