كلنا يتذكر ذلك الشاب التونسي صاحب الصوت الندي، الذي فاجأ مقدمة أحد البرامج على فضائية من الفضائيات، وعلى الهواء مباشرة، وهي تطلب منه أن يقدم أغنية للجمهور، فما كان منه إلا وأن أنشد على مسمع الجميع كلمات للشيخ أحمد العجمي، يقول مطلعها:
إنا سمعنا أختنا شيئاً عجاب...
قالوا كلاماً لا يسر عن الحجاب...
قالوا التأخر والتخلف في النقاب...
قالوا الرشاقة والتطور في غياب...
نادوا بتحرير الفتاة وألفوا فيه الكتاب...
رسموا طريقاً للتبرج لا يضيعه الشباب...
تذكرت هذا الموقف وأنا أسمع عن مسابقة لملكة جمال فلسطين، ومتى؟ في نفس اليوم الذي يرتقي فيه مجموعة من الشهداء والجرحى، وأين؟ في ضفة العياش، ضفة الصمود، ضفة الأحرار. وبغض النظر عن الزمان والمكان، فالمبادئ والقيم والأخلاق والأعراف والتقاليد لا تتأثر لا بزمان ولا بمكان، بل هي ملازمة للإنسان أينما حل وفي كل أوقاته. هي الدليل عليه، على ثقافته على شخصيته على كينونته، على انشغالاته وهمومه وأولوياته. حقيقة استغربت استغراباً شديداً عند سماع هذا الحدث، بل هذه الجريمة، جريمة اغتيال العفة بما يسمي مسابقة ملكة جمال فلسطين، والتي تزامنت مع جريمة اغتيال الحرية في قلنديا. هذا الاستغراب رد عليه البعض بأنه لا غرابة، فقد سبق هذا الحدث عروض أزياء وحفلات صخب وعرى، وأنه انحطاط ما بعده انحطاط، ورد آخرون بتهكم بأن البعض سيقول لك: لماذا تكرهون أن نعيش مثل العالم؟, وممكن أن يقول (إن الله جميل يحب الجمال), وقد تصل إلى: (ماذا رأيتم من الجمال حتى تكرهوه!!). فهنا لم أملك إلا أن أدعو الله بأن يحفظ شبابنا وفتياتنا من هذا الإسقاط. نعم إسقاط، فلا أجد لهذا الحدث الإجرامي تعريفاً أنسب من أنه إسقاط في مستنقع الحضارة الزائفة والمصطلحات المزيفة التي تقود إلى الهاوية من باب الحرية والتعايش وثقافة الانحدار إلى التقليد الأعمى. ولا تستغرب إن وجدت الفتاوى الهباشية جاهزة، لتبرر هذا العمل اللاأخلاقي كما بررت أعمالاً أخرى تتنافى مع الإنسانية، ولا أبالغ إن قلت أنها قد تتنافى مع بديهيات المبادئ الإسلامية. وما يهمنا في هذا المجال أننا نفتخر بنساء فلسطين وفتيات فلسطين كل فلسطين، فلقد أثبتن على مر السنوات السابقة وما زلن أنهن مثل الرجال وأكثر في حبهن للدين، وعشقهن للوطن، والتزامهن بالقيم والمبادئ، وخصوصاً العفاف والالتزام وأنهن بعفتهن يطبقن قول الشاعر:
يا أختَ فاطمة وبنتَ خديجةٍ ... ووريثةَ الخُلُقِ الكريمِ الطيِّبِ
إن العفافَ هو السَّماءُ فحلِّقِي ... وبِطِيبِ أخلاقِ الكرامِ تطيَّبِ
وهن يعلمن أن في ذلك ستر لهن وعفة وطهارة وإيمان وحياء، وفي ذلك طاعة لله تعالى وامتثالا لأوامره عز وجل. وعلى النقيض من ذلك، اقتبس مما جاء في صيد الفوائد عن التبرج بأنه معصية لله ورسول صلى الله عليه وسلم، ويجلب اللعن والطرد من رحمة الله، وهو كذلك سواد وظلمة يوم القيامة، وتهتك وفضيحة وفاحشة وتخلف وانحطاط، والأهم من ذلك أنه سنة إبليسية وجاهلية منتنة، بالتالي فهو باب شر مستطير. وهنا أذكر حديثاً دار مع أخ عزيز عن الحجاب المقنع وكيف أن الغرب بأساليبه المختلفة يحاول أن يبعد المجتمع المسلم عن العفة والطهارة، وتدرجنا في تطور الحجاب حتى وصل بعض أشكاله إلى وضع غير مقبول، والمصطلح المرفوض المحجبة الأنيقة، والحجاب (المودرن)!!!.
يا أختنا أنتِ العفيفة والمصونة بالحجاب...
يا أختنا فيك العزيمة والنزاهة والثواب...
والجنة المأوى ويا حسن المآب...
وأخيراً نقول أن هذا الحدث مرفوض جملة وتفصيلاً، وأنه خارج عن مبادئنا وأخلاقنا ووطنيتنا، ويجب العمل على وقفه فوراً، ونبذ كل من يروج له، وأن تلك الماجنات لا يمثلن فلسطين، وندعو الله لهن بالهداية، ونؤكد أن كل بنات فلسطين هن ملكات جمال بأخلاقهن بدينهن بعفتهن،. فهن صابرات، مجاهدات، مرابطات، مؤمنات...عفيفات...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق