أياماً وليالي عشناها على أعصابنا، وما زلنا، ونحن نتابع ما يجري في الساحة العربية، وخصوصاً في ميادين العزة والكرامة، وتحديداً ميدان رابعة وميدان النهضة. أياماً سطر فيها رجالات مصر الطاهرون الصابرون المرابطون الأبرار أسمى معاني التضحية والعطاء والإخلاص والتجرد والثبات والعفة والإيثار والكثير من المعاني والقيم والأخلاق النبيلة والحميدة، والتي كنا نقرأها في الكتب والرسائل والأدبيات وغيرها، ولكننا رأيناها من خلال شاشات التلفاز التي تمسمرنا أمامها لساعات وساعات ونحن نرى هذه القيم تتجسد على أرض الواقع وحقيقة تسري بين الجميع. قرأنا العديد من القصص والحكايات عبر مواقع التواصل الاجتماعي مما ذكرتنا بعهد الصحابة وبعهد الخلافة الإسلامية. لم نسمع خلال ما يزيد عن ستة وأربعين يوماً عن حادثة واحدة من حوادث السرقة أو التحرش أو الخلاف أو العراك، رغم تنوع المشارب والتوجهات، بل بالعكس كل ما نقل من أحداث وصور يدلل على أننا نعيش في أجواء المدينة الفاضلة فيها التكامل والتظافر والتكافل والتآلف. وما رأينا إلا حسن الإدارة والقيادة والتنظيم والطاعة. الجميع يعمل في تناغم وتفاهم، الجميع يعرف هدفه ويعرف واجباته، لا ينتظر التعليمات، بل يبادر ليكون قدوة لغيره. وفي المقدمة ترى القادة في الصف الأول، لا يتأخرون ولا يتخلفون، بل هم من يقودون الفعاليات هم وأبناؤهم وبناتهم. أجواء بعثت فينا الأمل وأحيت فينا الروح وأكدت أن الأمة بخير وبخير كبير. ما أجملها من لقطات وأنت ترى النساء بجانب الرجال، والشيوخ بجانب الشباب، كلهم يد واحدة وعلى قلب رجل واحد. واصلوا الليل بالنهار رغم الحر الشديد، فنحن في أشهر الصيف، ورغم العطش والجوع لأننا كنا في شهر رمضان، ورغم ذلك صدحت جنبات الميادين بهتافات حضارية وبخطابات راقية وبشعارات معبرة، والأهم بأيدي مرفوعة إلى السماء، وبقلوب موصولة بخالقها، وبألسنة لم تمل ولم تكل من ذكر الله. هذا هو واقع المعتصمين خلال فترة اعتصامهم كلها، وكما قال عنهم رئيس الوزراء التركي أردوغان أنهم سطروا أروع معاني الصمود والإنسانية والمقاومة السلمية بالصبر والثبات والاحتساب رغم الصوم والحر الشديد. وبلا شك أن الإيمان بعدالة المطالب وبشرعيتها وبأحقيتهم فيما يريدون هو الدافع وراء الصمود الأسطوري طوال هذه المدة. صمود صاحبه تطبيق عملي وواقعي وميداني لكل ما تعلمه هؤلاء الرجال خلال سنوات عديدة مضت، فنعم التربية كانت ونعم التطبيق. وتواصلت القدوة الحسنة في تصرفات وأفعال هؤلاء الرجال حتى في أحلك الظروف، حتى في ذلك اليوم الأسود الرابع عشر من أغسطس، الذي سيسجل التاريخ أنه في هذا اليوم سقط كل شئ إلا الشهداء الذين ارتقوا إلى عليين بعد أن صمدوا أمام المدرعات والمروحيات والمجنزرات، صموداً لا يقدر عليه إلا أصحاب العقيدة الراسخة والقلوب الموصولة بالله وأصحاب الرسالة القويمة، صموداً لا يقدر عليه إلا من تربى على موائد القرآن. ارتقى منهم من اصطفى رب العالمين، وأصيب العديد بطلقات الحقد والعار، ورغم ذلك لملموا جراحهم، وكفكفوا دموعهم، شيعوا موتاهم وواصلوا المشوار، ليستمروا في التضحية والثبات والعطاء. ما أعظمكم من رجالات، فمهما قيل في حقكم فهو قليل، ومهما كتب عنكم فلن يوافيكم حقكم. سامحونا يا خيرة البشر إن قصرنا بحقكم، فأنتم تستحقون منا الكثير الكثير، وحقكم علينا كبير، ولكن لا نملك إلا الدعاء، وما أعظمه من سلاح. وفقكم الله، أعزكم الله، أيدكم الله، ثبتكم الله، نصركم الله. يا رجالات مصر: هنيئاً للأمة بكم، كنتم وما زلتم وستبقون بالنسبة لنا ولجميع الأحرار والثوار خير... قدوة...
الاثنين، 19 أغسطس 2013
قدوة
أياماً وليالي عشناها على أعصابنا، وما زلنا، ونحن نتابع ما يجري في الساحة العربية، وخصوصاً في ميادين العزة والكرامة، وتحديداً ميدان رابعة وميدان النهضة. أياماً سطر فيها رجالات مصر الطاهرون الصابرون المرابطون الأبرار أسمى معاني التضحية والعطاء والإخلاص والتجرد والثبات والعفة والإيثار والكثير من المعاني والقيم والأخلاق النبيلة والحميدة، والتي كنا نقرأها في الكتب والرسائل والأدبيات وغيرها، ولكننا رأيناها من خلال شاشات التلفاز التي تمسمرنا أمامها لساعات وساعات ونحن نرى هذه القيم تتجسد على أرض الواقع وحقيقة تسري بين الجميع. قرأنا العديد من القصص والحكايات عبر مواقع التواصل الاجتماعي مما ذكرتنا بعهد الصحابة وبعهد الخلافة الإسلامية. لم نسمع خلال ما يزيد عن ستة وأربعين يوماً عن حادثة واحدة من حوادث السرقة أو التحرش أو الخلاف أو العراك، رغم تنوع المشارب والتوجهات، بل بالعكس كل ما نقل من أحداث وصور يدلل على أننا نعيش في أجواء المدينة الفاضلة فيها التكامل والتظافر والتكافل والتآلف. وما رأينا إلا حسن الإدارة والقيادة والتنظيم والطاعة. الجميع يعمل في تناغم وتفاهم، الجميع يعرف هدفه ويعرف واجباته، لا ينتظر التعليمات، بل يبادر ليكون قدوة لغيره. وفي المقدمة ترى القادة في الصف الأول، لا يتأخرون ولا يتخلفون، بل هم من يقودون الفعاليات هم وأبناؤهم وبناتهم. أجواء بعثت فينا الأمل وأحيت فينا الروح وأكدت أن الأمة بخير وبخير كبير. ما أجملها من لقطات وأنت ترى النساء بجانب الرجال، والشيوخ بجانب الشباب، كلهم يد واحدة وعلى قلب رجل واحد. واصلوا الليل بالنهار رغم الحر الشديد، فنحن في أشهر الصيف، ورغم العطش والجوع لأننا كنا في شهر رمضان، ورغم ذلك صدحت جنبات الميادين بهتافات حضارية وبخطابات راقية وبشعارات معبرة، والأهم بأيدي مرفوعة إلى السماء، وبقلوب موصولة بخالقها، وبألسنة لم تمل ولم تكل من ذكر الله. هذا هو واقع المعتصمين خلال فترة اعتصامهم كلها، وكما قال عنهم رئيس الوزراء التركي أردوغان أنهم سطروا أروع معاني الصمود والإنسانية والمقاومة السلمية بالصبر والثبات والاحتساب رغم الصوم والحر الشديد. وبلا شك أن الإيمان بعدالة المطالب وبشرعيتها وبأحقيتهم فيما يريدون هو الدافع وراء الصمود الأسطوري طوال هذه المدة. صمود صاحبه تطبيق عملي وواقعي وميداني لكل ما تعلمه هؤلاء الرجال خلال سنوات عديدة مضت، فنعم التربية كانت ونعم التطبيق. وتواصلت القدوة الحسنة في تصرفات وأفعال هؤلاء الرجال حتى في أحلك الظروف، حتى في ذلك اليوم الأسود الرابع عشر من أغسطس، الذي سيسجل التاريخ أنه في هذا اليوم سقط كل شئ إلا الشهداء الذين ارتقوا إلى عليين بعد أن صمدوا أمام المدرعات والمروحيات والمجنزرات، صموداً لا يقدر عليه إلا أصحاب العقيدة الراسخة والقلوب الموصولة بالله وأصحاب الرسالة القويمة، صموداً لا يقدر عليه إلا من تربى على موائد القرآن. ارتقى منهم من اصطفى رب العالمين، وأصيب العديد بطلقات الحقد والعار، ورغم ذلك لملموا جراحهم، وكفكفوا دموعهم، شيعوا موتاهم وواصلوا المشوار، ليستمروا في التضحية والثبات والعطاء. ما أعظمكم من رجالات، فمهما قيل في حقكم فهو قليل، ومهما كتب عنكم فلن يوافيكم حقكم. سامحونا يا خيرة البشر إن قصرنا بحقكم، فأنتم تستحقون منا الكثير الكثير، وحقكم علينا كبير، ولكن لا نملك إلا الدعاء، وما أعظمه من سلاح. وفقكم الله، أعزكم الله، أيدكم الله، ثبتكم الله، نصركم الله. يا رجالات مصر: هنيئاً للأمة بكم، كنتم وما زلتم وستبقون بالنسبة لنا ولجميع الأحرار والثوار خير... قدوة...
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق