الثلاثاء، 6 أغسطس 2013

ابتلاء


لا شك أن الأمة العربية تمر هذه الأيام في ظروف عصيبة وتعيش أوضاعاً صعبة، رغم أنها في العامين الأخيرين بدأت تتنشق عبير الحرية والديموقراطية وبدأت تعيش معاني العزة والكرامة. ولأن ذلك لا يروق للكثيرين من دعاة الديموقراطية الزائفة والليبرالية الحاقدة والعلمانية المضللة، قاموا بإغراق المنطقة بأمواج من الاضطرابات المصطنعة والمشاكل المفتعلة والأزمات المبرمجة، فأغرقوا المنطقة بشلالات من الدم، ارتكبوا المجازر وما يزالون في أكثر من قطر عربي، ناهيك عن حملات الاعتقالات وتلفيق التهم بمسميات غريبة. وهنا في غزة ما زالت محاولات التركيع مستمرة ومتواصلة، من خلال الإمعان في الحصار الظالم المفروض على سكان القطاع منذ سبع سنوات أشبه ما تكون بالسنوات العجاف، من إغلاق مستمر للمعاير التجارية، وعدم فتح المنفذ الوحيد لسكان القطاع إلى العالم بصورة تلبي حاجة المرضى والطلبة وكافة فئات الشعب. محن وابتلاءات وأزمات هي التي سادت في المرحلة السابقة، اجتياحات وحروب واغتيالات وتدمير للبنية التحتية والاقتصادية والاجتماعية بصورة متواصلة، واستمرت الهجمة حتى هذه اللحظة بأكثر من مجال، ولا أعتقد أنه آخرها الهجمة الإعلامية الشرسة والقذرة على غزة وحكومتها ومقاومتها. ابتلاءات تعايش معها الشعب وحكومته لأنه يتدبر قوله تعالى (أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا أمنا وهم لا يفتنون)، وصبر عليها لأنه على يقين أن هذه سنة الكون، فإن كان أنبياء الله وهم خيرة خلقه بل الرسول المصطفى عليه وعليهم أفضل الصلاة والتسليم قد تعرضوا لمحن وابتلاءات وفتن ومحاربة من بني جلدتهم وغيرهم، فما بالنا نحن؟! ابتلاءات تحملها أهل القطاع لأنهم يعلمون أن سلعة الله غالية، وأن الطريق إلى الله طريق محفوف بالأشواك والمتاعب. ورغم هذه الابتلاءات إلا أن الشعب أعلنها وعلى لسان رئيس حكومته: (لن تسقط القلاع ولن تخترق الحصون ولن ينتزعوا منا المواقف) وبنفس وهمة المؤمن الصابر المرابط المجاهد المحتسب تحمل الشعب وحكومته هذه الابتلاءات والأزمات، والتي بعضها أسقط حكومات وأربك دولاً. ولكن لأن النية خالصة لله فإن الله يدبر لنا مع كل أزمة مخرجاً منها، فهو السند والعون، وهو حسبنا ونعم الوكيل، وهو المبتغى والمراد في كل الأعمال ومن كل الناس، فكم علت هتافات: هي لله... هي لله... بين جنبات أحياء غزة وشوارعها، من الكبير والصغير، من الرجال والنساء، من الشباب والشيوخ، من رئيس الحكومة ومن الشعب. وهنا حتى يكتب الله لنا المخرج من هذه الأزمات المتلاحقة، وحتى نستحق نصر الله وتمكينه، فإنني أذكر نفسي وإخواني الوزراء والمسؤولين وجميع المخلصين بأن هي لله تعني أن تكون أقوالك وأعمالك خالصة لوجهه الكريم. هي لله تعني التجرد والبعد عن الأنا والتفرد في القرار. هي لله تعني وشاورهم في الأمر. هي لله تعني تغليب المصلحة العامة على المصلحة الخاصة. هي لله تعني التواضع مع الآخرين مهماً كانوا. هي لله تعني البعد عن الغيبة والنميمة. هي لله تعني حب واحترام الجميع. هي لله تعني العدل في كل القرارات والأمور. فهي لله  يجب أن تكون شعاراً نطبقه لا كلاماً نردده، حينها بإذن الله ستمر علينا هذه الأزمات مهما صعبت بأمن وسلام، كما مرت محن نوح وإبراهيم ويوسف ويونس وموسى ومحمد عليهم جميعاً صلوات الله وسلامه. وأختم بحديث المصطفى الذي يقول فيه: (أشد الناس بلاءً الأنبياء، ثم الصالحون، ثم الأمثل فالأمثل، يبتلى الرجل على حسب دينه،..) لذا فأكمل الناس إيمانا أشدهم...إبتلاء...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق